لغات كثيرة ، وكتبوا «أولئك» بزيادة «واو» قبل «اللام».
قيل : للفرق بينها وبين «إليك».
و «الهدى» الرشد والبيان والبصيرة.
و «من ربّهم» في محل جر صفة ل «هدى» ، و «من» لابتداء الغاية ، ونكر «هدى» ليفيد إبهامه التّعظيم كقوله : [الطويل]
١٣٧ ـ فلا وأبي الطّير المربّة بالضّحى |
|
على خالد لقد وقعت على لحم (١) |
وروي «من ربهم» بغير غنّة ، وهو المشهور ، وبغنّة ، ويروى عن أبي عمرو ، و «أولئك» مبتدأ ، و «هم» مبتدأ ثان ، و «المفلحون» خبره ، والجملة خبر الأول ، ويجوز أن يكون «هم» فصلا أو بدلا ، و «المفلحون» الخبر.
وفائدة الفصل : الفرق بين الخبر والتابع ، ولهذا سمي فصلا ، ويفيد ـ أيضا ـ التوكيد.
قال ابن الخطيب : يفيد فائدتين :
إحداهما : الدلالة على أن «الوارد» بعده خبر لا صفة.
والثاني : حصر الخبر في المبتدأ ، فإنك لو قلت لإنسان ضاحك فهذا لا يفيد أن الضاحكية لا تحصل إلّا في الإنسان.
وقد تقدم أنه يجوز أن يكون «أولئك» الأولى ، أو الثّانية خبرا عن «الذين يؤمنون» ، وتقدم تضعيف هذين القولين. وكرر «أولئك» تنبيها على أنهم كما ثبت لهم الأثرة بالهدى ثبت لهم بالفلاح ، فجعلت كل واحدة من الأثرتين في تميزهم بها عن غيرهم بمثابة لو انفردت لكانت مميزة عن حدّها ، وجاء هنا بالواو بين جملة قوله تعالى : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) [الأعراف : ١٧٩] لأن الخبرين ـ هنا ـ متغايران ، فاقتضى ذلك العطف ، وأما تلك الآية الكريمة ، فإن الخبرين فيها شيء واحد ؛ لأن التسجيل (٢) عليهم بالغفلة ، وتشبيههم بالأنعام (٣) معنى واحد ، فكانت عن العطف بمعزل.
قال الزمخشري : وفي اسم الإشارة الذي هو «أولئك» إيذان بأن ما يراد عقبه ،
__________________
ـ ٣٨٢ ، والدرر : ١ / ٢٣٥ ، وسر صناعة الإعراب : ١ / ٣٢٢ ، وشرح التصريح : ١ / ١٢٩ ، والصاحبي في فقه اللغة : ص ٤٨ ، واللامات : ص ١٣٢ ، والمنصف : ١ / ١٦٦ ، ٣ / ٢٦ ، وهمع الهوامع : ١ / ٧٦ ، الدر المصون : ١ / ١٠١.
(١) البيت لأبي خراش الهذلي ينظر في خزانة الأدب : ٥ / ٧٥ ، ٧٦ ، ٧٨ ، ٨١ ، ١١ / ٤٧ ، وشرح أشعار الهذليين : ٣ / ١٢٢٦ ، ومجالس ثعلب : ص ١٥١ ، ٢١٢ ، ولأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب : ٥ / ٨٥ ، ٦ / ٢٠٨ ، الكشاف : ١ / ٤٥ ، الدر : ١ / ١٠١.
(٢) في أ : التمثيل.
(٣) في أ : بالبهائم.