و «الغشاوة» : الغطاء. قال : [الطويل]
١٦٦ ـ تبعتك إذ عيني عليها غشاوة |
|
فلمّا انجلت قطّعت نفسي ألومها (١) |
وقال : [البسيط]
١٦٧ ـ هلّا سألت بني ذبيان ما حسبي |
|
إذا الدّخان تغشّى الأشمط البرما (٢) |
وجمعها «غشاء» ، لما حذفت الهاء قلبت الواو همزة.
وقيل : «غشاوي» مثل «أداوي».
قال الفارسي : لم أسمع من «الغشاوة» فعلا متصرفا ب «الواو» ، وإذا لم يوجد ذلك ، وكان معناها معنى ما «اللام» منه «الياء» ، وهو غشي بدليل قولهم : «الغشيان» ، و «الغشاوة» من غشي ك «الجباوة» من جبيت في أن «الواو» كأنها بدل من «الياء» ، إذ لم يصرّف منه فعل كما لم يصرّف من الجباوة. وظاهر عبارته أن «الواو» بدل من «الياء» ، و «الياء» أصل بدليل تصرف الفعل منها دون مادة «الواو».
والذي يظهر أن لهذا المعنى مادتين «غ ش و» ، و «غ ش ي» ، ثم تصرفوا في إحدى المادتين ، واستغنوا بذلك عن التصرف في المادة الأخرى ، وهذا أقرب من ادعاء قلب «الواو» «ياء» من غير سبب ، وأيضا «الياء» أخف من «الواو» ، فكيف يقلبون الأخف للأثقل؟
و «لهم» خبر مقدم فيتعلّق بمحذوف ، و «عذاب» مبتدأ مؤخر ، و «عظيم» صفة.
والخبر ـ هنا ـ جائز التقديم ؛ لأن للمبتدأ مسوغا وهو وصفه ونظيره : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) [الأنعام : ٢] من حيث الجواز.
والعذاب في الأصل : الاستمرار ، ثم سمي به كلّ استمرار ألم.
وقيل أصله : المنع ، وهذا هو الظّاهر ، ومنه قيل للماء : عذب ؛ لأنه يمنع العطش ، والعذاب يمنع من الجريمة.
«عظيم» اسم فاعل من «عظم» ، نحو : كريم من «كرم» غير مذهوب به مذهب الزمان ، وأصله أن توصف به الأجرام ، ثم قد توصف به المعاني.
وهل هو و «الكبير» بمعنى واحد أو هو فوق «الكبير» ؛ لأن العظيم يقابل الحقير ، والكبير يقابل الصغير ، والحقير دون الصغير؟ قولان.
__________________
(١) البيت للحارث بن خالد المخزومي. ينظر مجاز القرآن : ١ / ٣١ ، القرطبي : ١ / ١٣٤ ، الطبري : ١ / ٢٦٥ ، واللسان (غشا) ، والدر المصون : ١ / ١٠٨.
(٢) البيت للنابغة. ينظر ديوانه : ١١٢ ، الطبري : ١ / ١٤٨ ، المحرر : ١ / ١٨ ، القرطبي : ١ / ١٣٤ ، الدر : ١ / ١٠٩.