به ، وسلوني عن كتاب الله ، فو الله ما من آية إلّا أنا أعلم : أبليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم في جبل».
وقيل لعطاء : أكان في أصحاب محمد أعلم من علي؟
قال : لا ، والله لا أعلمه.
وقال ابن مسعود : «إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ، ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن ، وإن علي بن أبي طالب عنده من الظاهر والباطن» (١).
نموذج من تفسير علي ـ رضي الله عنه ـ للقرآن :
قال في تفسير قوله تعالى : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) : إن الإيمان يبدو لمظة بيضاء في القلب ، فكلما ازداد الإيمان عظما ازداد ذلك البياض ، حتى يبيض القلب كله ، وإن النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب ، فكلما ازداد النفاق ازداد بذلك السواد ، حتى يسود القلب كله ، وأيم الله لو شققتم عن قلب مؤمن لوجدتموه أبيض ، ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود» (٢).
٢ ـ عبد الله بن مسعود :
هو : عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن سمح ، وقيل «شمخ» ... ينتهي نسبه إلى مضر. يكنى بأبي عبد الرحمن ، وأمه : أم عبد بنت عبد ود من هذيل ، وكان يقال له : ابن أم عبد.
أسلم قديما قبل عمر بن الخطاب ، وكان سبب إسلامه : حين مر به رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ وهو يرعى غنما ، فسألاه لبنا فقال : إني مؤتمن ، قال فأخذ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عناقا لم ينز عليها الفحل ، فاعتقلها ، ثم حلب وشرب وسقى أبا بكر ، ثم قال للضرع : أقلص ، فقلص ، فقلت : علمني من هذا الدعاء ، فقال : إنك غلام معلم ... الحديث(٣).
كان عبد الله من أحفظ الصحابة لكتاب الله وأقرئهم له ، وكان ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يطلب منه أن يقرأه عليه ، فقال له يوما : اقرأ عليّ سورة النساء. قال ابن مسعود : أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال : إني أحب أن أسمعه من غيري ، يقول : فقرأت عليه حتى بلغت : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) فاضت عيناه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (٤).
وكان ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول :
«من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» (٥) وكان ابن
__________________
(١) راجع الاتقان ٢ / ٣١٩.
(٢) تفسير البغوي ـ ط المنار ٤ / ٢٧٣.
(٣) البداية والنهاية ٧ / ١٦٩ ، أسد الغابة ٣ / ٢٥٦ ـ ٢٦٠.
(٤) البداية والنهاية ٧ / ١٦٩.
(٥) مسند الإمام أحمد ١ / ٧.