وإنما أحوج سيبويه إلى ذلك أن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه لا يجوز إلّا في مواضع محصورة ، ليس هذا منها ، فتلك المواضع : أن تكون الصفة خاصة بالموصوف ، نحو : «مررت بكاتب».
أو واقعة خبرا نحو : «زيد قائم».
أو حالا نحو : «جاء زيد راكبا».
أو صفة لظرف نحو : «جلست قريبا منك».
أو مستعملة استعمال الأسماء ، وهذا يحفظ ولا يقاس عليه ، نحو : «الأبطح والأبرق» وما عدا هذه المواضع لا يجوز فيها حذف الموصوف ؛ ألا ترى أنّ سيبويه منع لا ماء ولو باردا ، وإن تقدّم ما يدلّ على الموصوف ، وأجاز : «إلا ماء ولو باردا» ؛ لأنه نصب على الحال.
و «ما» مصدرية في محل جرّ بالكاف ، و «آمن النّاس» صلتها.
واعلم أنّ «ما» المصدرية توصل بالماضي أو المضارع المتصرّف ، وقد شذّ وصلها بغير المتصرف في قوله : [الطويل]
٢٠ ـ ........... |
|
بما لستما أهل الخيانة ، والغدر (١) |
وهل توصل بالجمل الاسمية؟ خلاف ، واستدل على جوازه بقوله : [الكامل]
٢٠٣ ـ واصل خليلك ما التّواصل ممكن |
|
فلأنت أو هو عن قليل ذاهب (٢) |
وقال الآخر : [البسيط]
٢٠٤ ـ أحلامكم لسقام الجهل شافية |
|
كما دماؤكم تشفي من الكلب (٣) |
وقول الآخر : [الوافر]
٢٠٥ ـ فإنّ الحمر من شرّ المطايا |
|
كما الحبطات شرّ بني تميم (٤) |
__________________
(١) عجز بيت ، وصدره :
أليس أميري ، في الأمور ، بأنتما
ينظر الجنى الداني : ص ٣٣٢ ، والمغني : ٣٣٩ ، وشرح شواهده : ٧١٧ ، والعيني : ١ / ٤٢٢ ـ ٤٢٣ ، والدر المصون : ١ / ١٢٢.
(٢) ينظر الدر المصون : (١ / ١٢٢).
(٣) البيت للكميت بن زيد ينظر الدرر : ١ / ٢٥٢ ، ومعاهد التنصيص : ٣ / ٨٨ ، تذكرة النحاة : ص ٥١ ، وهمع الهوامع : ١ / ٨١ ، الدر المصون : ١ / ١٢٢.
(٤) البيت لزياد الأعجم. ينظر ديوانه : ص ٩٧ ، وخزانة الأدب : ١٠ / ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، ٢٠٨ ، ٢١١ ، ٢١٣ ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٣٤٦ ، والأزهية : ص ٧٧ ، الحيوان : ١ / ٣٦٣ ، وشرح الأشموني : ٢ / ٢٩٨ ، وشرح ابن عقيل : ص ٣٧٠ ، والأمالي الشجرية : (٢ / ٢٣٥) ، والكافية الشافية : (٢ / ٨١٩) ، الدر المصون : (١ / ١٢٢).