والذي ينبغي أن يقال : إن «كاف» التشبيه لها ثلاثة أحوال :
حال يتعيّن فيها أن تكون اسما ، وهي ما إذا كانت فاعلة ، أو مجرورة بحرف ، أو إضافة. مثال الفاعل : [البسيط]
٢٢١ ـ أتنتهون ولن ينهى ... |
|
........... (١) |
البيت.
ومثال جرّها بحرف قول امرىء القيس : [الطويل]
٢٢٢ ـ ورحنا بكابن الماء يجنب وسطنا |
|
تصوّب فيه العين طورا وترتقي (٢) |
وقوله : [الوافر]
٢٢٣ ـ وزعت بكالهراوة أعوجيّ |
|
إذا ونت الرّكاب جرى وثابا (٣) |
ومثال جرّها بالإضافة قوله : [السريع أو الرجز]
٢٢٤ ـ فصيّروا مثل كعصف مأكول (٤)
وحال يتعيّن أن تكون فيها حرفا ، وهي : الواقعة صلة ، نحو : جاء الذي كزيد ؛ لأن جعلها اسما يستلزم حذف عائد مبتدأ من غير طول الصّلة ، وهذا ممتنع عند البصريين.
وحال يجوز فيها الأمران ، وهي ما عدا ذلك نحو : «زيد كعمرو».
وأبعد من جعلها زائدة في الآية الكريمة ، أي : مثلهم مثل الذي ، ونظّره بقوله : «فصيّروا مثل كعصف» كأنه جعل المثل والمثل بمعنى واحد ، والوجه أن المثل ـ هنا ـ بمعنى القصّة والتقدير : صفتهم وقصتهم كقصّة المستوقد ، فليست زائدة على هذا
__________________
(١) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ٩٩.
(٢) ينظر ديوانه ص ١٧٦ ، وأدب الكاتب : ص ٥٠٥ ، وخزانة الأدب : ١٠ / ١٦٧ ، ١٧١ ، ورصف المباني : ص ١٩٦ ، وأمالي ابن الشجري : (٢ / ٢٩٩) ، والاقتضاب : (٤٢٩) ، وشرح جمل الزجاجي : (١ / ٤٧٨) ، والجامع لأحكام القرآن : (١ / ١٤٨) ، والدر المصون : (١ / ١٢٩).
(٣) البيت لابن غادية السلمي ينظر الاقتضاب : ص ٤٢٩ ، وأدب الكاتب : ص ٥٠٥ ، ولسان العرب (وثب) ، (ثوب) ، والمقرب : ١ / ١٩٦ ، وجمهرة اللغة : ص ١٣١٨ ، ورصف المباني : ص ١٩٦ ، وسر صناعة الإعراب : ص ٢٨٦ ، شرح جمل الزجاجي : ١ / ٤٧٨ ، المخصص : ١٤ / ٦٤ ، الدر المصون : ١ / ١٢٩.
(٤) البيت لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٨١ ؛ وخزانة الأدب ١٠ / ١٦٨ ، ١٧٥ ، ١٨٤ ، ١٨٩ ؛ وشرح التصريح ١ / ٢٥٢ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٥٠٣ ، والمقاصد النحويّة ٢ / ٤٠٢ ، ولحميد الأرقط في الدرر ٢ / ٢٥٠ ، والكتاب ١ / ٤٠٨ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٥٢ ؛ والجنى الداني ص ٩٠ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٧٣ ؛ ورصف المباني ص ٢٠١ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ٢٩٦ ، وشرح الأشموني ١ / ١٥٨ ؛ ولسان العرب ٩ / ٢٤٧ (عصف) ؛ ومغني اللبيب ١ / ١٨٠ ؛ والمقتضب ٤ / ١٤١ ، ٣٥٠ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٠ ، والدر المصون ١ / ١٢٩.