فهذا يحتمل أن يكون مبنيّا ، وأن يكون معربا. وقد تحذف ساكنا ما قبلها ؛ كقول الآخر : [الطويل]
٢٢٧ ـ فلم أر بيتا كان أحسن بهجة |
|
من اللّذ به من آل عزّة عامر (١) |
أو مكسورا ؛ كقوله : [الرجز]
٢٢٨ ـ واللّذ لو شاء لكانت برّا |
|
أو جبلا أشمّ مشمخرّا (٢) |
ومثل هذه اللغات في «التي» أيضا.
قال بعضهم : «وقولهم : هذه لغات ليس بجيّد ؛ لأن هذه لم ترد إلّا ضرورة ، فلا ينبغي أن تسمى لغات».
و «استوقد» : «استفعل» بمعنى «أفعل» ، نحو : «استجاب» بمعنى «أجاب» ، وهو رأي الأخفش وعليه قول الشاعر : [الطويل]
٢٢٩ ـ وداع دعا : يا من يجيب إلى الهدى |
|
فلم يستجبه عند ذاك مجيب (٣) |
أي : فلم يجبه.
وقيل : بل السّين للطلب ، ورجّح قول الأخفش بأن كونه للطّلب يستدعي حذف جملة ، ألا ترى أن المعنى : استدعوا نارا فأوقدوها ، فلما أضاءت ؛ لأن الإضاءة لا تنشأ عن الطلب إنما تنشأ عن الإيقاد.
والفاء في قوله : «فلمّا» للسبب.
وقرأ ابن السّميفع : «كمثل الذين» بلفظ الجمع ، واستوقد بالإفراد ، وهي مشكلة ، وقد خرجوها على أوجه أضعف منها وهي التوهّم ، أي : كأنه نطق ب «من» ؛ إذ أعاد ضمير المفرد على الجمع كقولهم : «ضربني وضربت قومك» أي : ضربني من ، أو يعود على اسم فاعل مفهوم من «استوقد» ، والعائد على الموصول محذوف ، وإن لم يكمل شرط الحذف ، والتقدير : استوقدها مستوقد لهم. وهذه القراءة تقوّي قول من يقول : إنّ أصل «الذي» : «الذين» ، فحذفت النون.
و «لمّا» حرف وجوب لوجوب هذا مذهب سيبويه.
وزعم الفارسي وتبعه أبو البقاء ، أنها ظرف بمعنى «حين» ، وأن العامل فيها جوابها ،
__________________
(١) ينظر البيت في الإنصاف : (٦٧١) ، الدرر (١ / ٥٦) ، والهمع : (١ / ٨٢) ، والدر المصون : (١ / ١٣٠).
(٢) ينظر الأمالي الشجرية : ١ / ٣٠٥ ، الإنصاف : ٢ / ٦٧٦ ، شرح جمل الزجاجي لابن عصفور : ١ / ١٧٠ ، اللمع : ١ / ٨٢ ، خزانة الأدب : ٥ / ٥٠٥ ، الدرر : ١ / ٥٦ ، الخزانة : ٢ / ٤٩٨ ، الدر : ١ / ١٣٠.
(٣) البيت لكعب بن سعد الغنوي ينظر الأصمعيات ٩٦ ، معاني القرآن للأخفش ١ / ٢٠٨ ، مجاز القرآن ١ / ٦٧ ، ١١٢ ، ٢٤٥ ، ٣٢٦ ، والعجز في أدب الكاتب ٤١٩.