ولد إبان المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها قريش على بني المطلب ، أي قبل الهجرة بثلاث سنوات.
لازم ابن عباس رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، لكن الرسول توفي ولابن عباس من العمر ثلاث عشرة سنة ، وقيل خمس عشرة سنة.
وقد حظي ابن عباس بدعوة رسول الله له حين قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «اللهم علمه الكتاب والحكمة».
وفي رواية : «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل».
واستجيبت دعوت الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فكان عبد الله بن عباس «ترجمان القرآن» يقول ابن مسعود :
«نعم ترجمان القرآن ابن عباس» وذلك لبراعته في التفسير ، كما لقب بالحبر ، لغزارة علمه. وبالبحر كذلك.
وإذا كان ابن عباس قد فاته طول الصحبة للرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقد استعاض عن ذلك بملازمة كبار الصحابة ، يسألهم ، ويتعرف أسباب النزول ، والناسخ والمنسوخ ، وغير ذلك.
يقول ابن عباس (١) :
«لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ اللتين قال الله فيهما : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) ولم أزل أتلطف له حتى عرفت أنهما حفصة وعائشة».
ويقول :
«وجدت عامة حديث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عند الأنصار ، فإني كنت لآتي لرجل فأجده نائما ، لو شئت أن يوقظ لي لأوقظ ، فأجلس على بابه تسفي على وجهي الريح حتى يستيقظ متى ما استيقظ ، وأسأله عما أريد ثم أنصرف».
لقد تتلمذ ابن عباس على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أولا ، فكان الرسول يعلمه ويربيه قال له يوما :
«يا غلام. إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضرّوك إلّا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
وفي خلافة عمر كان لابن عباس تقدير خاص عنده ، فكان يدنيه من مجلسه رغم حداثة سنه ـ كما ذكرنا.
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن / للقرطبي ١ / ٢٢.