وقد أفاد ابن عباس من هؤلاء الذين يعدون بمثابة شيوخه :
عمر بن الخطاب ، أبي بن كعب ، علي بن أبي طالب ، زيد بن ثابت. روى عبد الرزاق عن معمر قال (١) :
«عامة علم ابن عباس من ثلاثة : عمر وعلي وأبي بن كعب».
وذكر ابن الأثير الجزري في ترجمة ابن عباس أنه (٢) «حفظ المحكم في زمن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثم عرض القرآن على أبي بن كعب وزيد بن ثابت. وقيل إنّه قرأ على علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه».
لقد أوتي ابن عباس علما غزيرا جعله أبرز المفسرين وأتمهم اضطلاعا بالتفسير حتى إنه «لم يبق عند منتصف القرن الأول من الهجرة من بين الصحابة وغيرهم إلا مذعن لابن عباس ، مسلم له مقدرته الموفقة ، وموهبته العجيبة ، وعلمه الواسع في تفسير القرآن» (٣).
لقد امتلك ابن عباس أدوات المفسر فكان عالما بأسرار العربية يحفظ الكثير من الشعر القديم ويحث الناس على النظر فيه قائلا (٤) :
«إذا تعاجم شيء من القرآن فانظروا في الشعر فإن الشعر عربي».
وهو القائل (٥) :
«الشعر ديوان العرب ، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزل الله بلغة العرب ، رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا ذلك منه».
وقد ذكر السيوطي بسنده حوارا دار بين نافع بن الأزرق وابن عباس فقال (٦) :
بينا عبد الله بن عباس جالس بفناء الكعبة ، قد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن فقال نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر :
قم بنا إلى هذا الذي يجترىء على تفسير القرآن بما لا علم له به ، فقاما إليه ، فقالا : إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا ، وتأتينا بمصادقة من كلام العرب ، فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين ، فقال ابن عباس : سلاني عما بدا لكما ، فقال نافع :
أخبرني عن قول الله تعالى (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ).
قال : العزون : حلق الرفاق.
قال : وهل تعرف العرب ذلك؟
__________________
(١) تذكرة الحفاظ للذهبي ١ / ٤١.
(٢) طبقات القراء ٤٢٥.
(٣) التفسير ورجاله / ابن عاشور ص ١٦.
(٤) التفسير ورجاله / ابن عاشور ص ١٧.
(٥) الإتقان ١ / ١١٩ ، غاية النهاية في طبقات القراء ٤٢٦.
(٦) الإتقان ١ / ١٢٠.