و «ها» زائدة للتنبيه لازمة لها ، والمشهور فتح هائها ، ويجوز ضمّها إتباعا للياء ، وقد قرأ ابن عامر (١) بذلك في بعض المواضع نحو «أيّه المؤمنون» [النور : ٣١] والمرسوم يساعده.
ولا توصف «أي» هذه إلا بما فيه الألف واللام ، أو بموصول هما فيه ، أو باسم إشارة نحو : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) [الحجر : ٦] وقال الشاعر : [الطويل]
٢٧٤ ـ ألا أيّهذا النّابح السّيد إنّني |
|
على نأيها مستبسل من ورائها (٢) |
وفسر بعضهم يا زيد : أنادي زيدا ، وأخاطب زيدا ، وهو خطأ من وجوه :
أحدها : أن قوله : «أنادي زيدا» خبر يحتمل الصدق والكذب ، وقوله : يا زيد لا يحتملهما.
وثانيها : أن قولنا : «يا زيد» يقتضي أن زيدا منادى في الحال ، و «أنادي زيدا» لا يقتضي ذلك.
وثالثها : أن قولنا : «يا زيد» يقتضي صيرورة زيد مخاطبا هذا الخطاب ، و «أنادي زيدا» لا يقتضي ذلك ؛ لأنه لا يمكن أن يخبر إنسانا آخر بأن أنادي زيدا.
ورابعها : أن قولنا : أنادي زيدا إخبار عن النداء ، والإخبار عن النداء غير النداء.
واعلم أن «يا» حرف وضع في أصله لنداء البعيد ، وإن كان لنداء القريب ، [لكن بسبب أمر مهم جدّا ، وأما نداء القريب فله : «أي» والهمزة](٣) ثم استعمل في نداء من سها وغفل وإن قرب ، تنزيلا له منزلة البعيد.
فإن قيل : فلم يقول الداعي : «يا رب» ، «يا الله» وهو أقرب إليه من حبل الوريد؟
قلنا : هو استبعاد لنفسه من مظانّ الزّلفى ، إقرارا على نفسه بالتقصير.
و «أي» وصلة إلى نداء ما فيه الألف واللام كما أن «ذو» الذي وصلة إلى الوصف بأسماء الأجناس ووصف المعارف بالجمل ، وهم اسم مبهم ، فافتقر إلى ما يزيل إبهامه ، فلا بد وأن يردفه اسم جنس ، أو ما جرى مجراه ، ويتصف به حتى يحصل المقصود بالنداء.
ول «أي» معان أخر كالاستفهام ، والشرط ، وكونها موصولة ، ونكرة موصوفة لنكرة ، وحالا لمعرفة. و «النّاس» صفة «أي» ، أو خبر مبتدأ محذوف حسب ما تقدم من الخلاف.
__________________
(١) ستأتي في النور ٣١.
(٢) البيت للفضل بن الأخضر. ينظر الحماسة : (١ / ٣٠١) ، المقرب : (١ / ١٧٦) ، والدر المصون : (١ / ١٤٥).
(٣) سقط في أ.