وقال الزمخشري (١) : النّدّ المثل ، ولا يقال إلا للنّدّ (٢) المخالف ؛ قال جرير (٣) : [الوافر]
٢٨٤ ـ أتيما تجعلون إليّ ندّا |
|
وما تيم لذي حسب نديد (٤) |
وناددت الرّجل : خالفته ونافرته ، من : ندّ يندّ ندودا ، أي : نفر.
ومنه الحديث : «أيّ بعير ندّ فأعياهم» (٥).
ويقال : «نديدة» على المبالغة ؛ قال لبيد (٦) : [الطويل]
٢٨٥ ـ لكيلا يكون السّندريّ نديدتي |
|
وأجعل أقواما عموما عماعما (٧) |
وأما «النّد» بفتح النون فهو التّلّ المرتفع ، والنّدّ الطيب أيضا ، ليس بعربي.
وقرأ محمد بن السّميفع (٨) : «فلا تجعلوا لله ندّا» ،
فإن قيل : إنهم لم يقولوا : إن الأصنام تنازع الله.
قلنا : لما عبدوها وسموها آلهة أشبهت حالهم حال من يعتقد أنها آلهة قادرة على منازعته فقيل لهم ذلك على سبيل التهكّم بهم.
قوله : (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) جملة من مبتدأ وخبر في محل نصب على الحال ،
__________________
(١) ينظر الكشاف : ١ / ٩٥.
(٢) في أ : للمثل.
(٣) جرير بن عطية بن حذيفة الخطفى ابن بدر الكلبي اليربوعي ، من تميم ولد سنة ٢٨ ه ، أشعر أهل عصره ولد ومات في اليمامة. وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم ـ وكان هجاءا مرا ـ فلم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل وكان عفيفا وهو من أغزل الناس شعرا ، توفي سنة ١١٠ ه. ينظر الأعلام : ٢ / ١١٩ (١٧١٨) ، وفيات الأعيان : ١ / ١٠٢ ، والشعر والشعراء : ١٧٩ ، خزانة البغدادي : ١ / ٣٦.
(٤) ينظر البيت في ديوانه : (١٦٤) ، الكشاف : (١ / ٩٥) ، مجالس العلماء : (١١٤) ، والدر المصون : (١ / ١٥٠).
(٥) في أ : فأغناهم.
(٦) لبيد بن ربيعة بن مالك ، أبو عقيل العامري : أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية. من أهل عالية نجد. أدرك الإسلام ، ووفد على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يعدّ من الصحابة ، ومن المؤلفة قلوبهم. وترك الشعر ، فلم يقل في الإسلام إلّا بيتا واحدا ، سكن الكوفة ، وعاش عمرا طويلا. وهو أحد أصحاب المعلقات ، وكان كريما : نذر ألّا تهب الصبا إلا نحر وأطعم ، جمع بعض شعره في ديوان. توفي سنة ٤١ ه.
انظر خزانة الأدب للبغدادي : ١ / ٣٣٧ ، الأعلام : ٥ / ٢٤٠ ، سمط اللآلي : ١٣.
(٧) ينظر البيت في ديوانه : (٢٨٦) ، القرطبي : ١ / ٢٣١ ، الدر المصون : ١ / ١٥٠.
(٨) انظر تفسير الرازي : ٢ / ١٠٣ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٣٩ ، ونسبها إلى زيد بن علي بن محمد بن السميفع.
ـ