المملوك في الحال ؛ فدلّ على أنّ الجنّة والنّار مخلوقتان.
الثاني : مجامع اللّذّات : إما المسكن ، أو المطعم ، أو المنكح.
فوصف تعالى المسكن بقوله : (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) والمطعم بقوله : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً) والمنكح بقوله (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ).
ثم هذه الأشياء إن حصلت ، وقارنها خوف الزوال ، كان النّعيم منغّصا ، فبيّن ـ تعالى ـ زوال هذا الخوف بقوله : (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) ؛ فدلّت الآية على كمال النّعيم والسّرور.
الثالث : قوله : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) هذه الجملة معطوفة على ما قبلها ، عطف جملة ثواب المؤمنين ، على جملة ثواب الكافرين ، وجاز ذلك ؛ لأنّ مذهب سيبويه ـ وهو الصّحيح ـ : أنّه لا يشترط في عطف الجمل التّوافق معنى ، بل تعطف الطلبيّة على الخبرية ؛ وبالعكس ؛ [بدليل](١) قوله : [الطويل]
٣٠٦ ـ تناغي غزالا عند باب ابن عامر |
|
وكحّل أماقيك الحسان بإثمد (٢) |
وقول امرىء القيس : [الطويل]
٣٠٧ ـ وإنّ شفائي عبرة مهراقة |
|
وهل عند رسم دارس من معوّل (٣)؟ |
وقال ابن الخطيب : ليس الّذي اعتمد بالعطف هو الأمر ، حتى يطلب له مشاكل من أمر ونهي يعطف عليه ، إنما المعتمد بالعطف هو جملة ثواب المؤمنين ؛ فهي معطوفة على جملة وصف عقاب الكافرين كما تقول : زيد يعاقب بالقيد والضرب وبشّر عمرر بالعفو والإطلاق.
وأجاز الزمخشري وأبو البقاء أن يكون عطفا على «فاتّقوا» ليعطف أمرا على أمر ، وهذا قد رده أبو حيان بأن «فاتقوا» جواب الشرط ، فالمعطوف يكون جوابا ؛ لأن حكمه حكمه ، ولكن لا يصح ؛ لأن تبشيره للمؤمنين لا يترتب على قوله : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا).
وقرىء : «وبشّر» [ماضيا] مبنيّا للمفعول.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) البيت لحسان بن ثابت. ينظر ديوانه : ص ١٣٤ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٨٧٢ ، شرح الأشموني : ٢ / ٤٣٤ ، ومغني اللبيب : ٢ / ٤٨٣ ، الدر المصون : (١ / ١٥٧).
(٣) ينظر ديوانه : ٩ ، وخزانة الأدب : ٣ / ٤٤٨ ، ٥ / ٢٧٧ ، و ٢٨٠ ، والدرر : ٥ / ١٣٩ ، وسر صناعة الإعراب : ١ / ٢٥٧ ، شرح أبيات سيبويه : ١ / ٤٤٩ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٧٧٢ ، والكتاب : ٢ / ١٤٢ ، ولسان العرب [عول][هلل] ، والمنصف : ٣ / ٤٠ ، وشرح الأشموني : ٢ / ٤٣٤ ، شرح شواهد المغني : ٢ / ٨٧٢ ، مغني اللبيب : ٢ / ٣٥٠ ، همع الهوامع : ٤ / ٧٧ ، وشرح التبريزي على المعلقات : (٥٧) ، والشنقيطي : (٥٩) ، والمقتضب : ٤ / ٧٤ ، والدر المصون : ١ / ١٥٧.