٣١٧ ـ نبّئت أنّ النّار بعدك أوقدت |
|
واستبّ بعدك يا كليب المجلس (١) |
قال أبو حيّان (٢) : وقد ناقض ابن عطية كلامه هنا ، فإنّه قال : «والأنهار : المياه في مجاريها المتطاولة الواسعة» ثمّ قال : نسب الجري إلى النّهر ، وإنّما يجري الماء وحده توسّعا وتجوّزا ، كما قال : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] وكما قال : [الكامل]
٣١٨ أ ـ نبّئت أنّ النّار ... |
|
........... (٣) |
والألف واللّام في «الأنهار» للجنس.
وقيل : للعهد لذكرها في سورة القتال.
وقال الزمخشري : يجوز أن تكون عوضا من الضّمير كقوله : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) [مريم : ٤] أي : «أنهارها» يعنى أنّ الأصل : واشتعل رأسي ، فعوّض «أل» عن ياء المتكلم ، وهذا ليس مذهب البصريين ، بل قال به بعض الكوفيّين ؛ وهو مردود بأنّه لو كانت «أل» عوضا من الضمير ، لما جمع بينهما ، وقد جمع بينهما ؛ قال النّابغة : [الطويل]
٣١٨ ب ـ رحيب قطاب الجيب منها رقيقة |
|
بجسّ النّدامى بضّة المتجرّد (٤) |
فقال : الجيب منها ، وأمّا ما ورد ، وظاهره ذلك ، فيأتي تأويله في موضعه.
قوله تعالى : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ).
تقدّم القول في «كلّما» وهذا لا يخلو إمّا أن يكون صفة ثانية ل «جنّات تجري» ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو جملة مستأنفة ؛ لأنّه لمّا قيل : «أنّ لهم جنّات» لم يخل قلب السّامع أن يقع فيه أنّ ثمار تلك الجنّات تشبه ثمار الدّنيا أم لا؟
والعامل في «كلّما» هاهنا «قالوا».
و «منها» متعلّق ب «رزقوا» ، و «من» لابتداء الغاية ، وكذلك «من ثمرة» ، لأنّها بدل من قوله : «منها» بدل اشتمال بإعادة العامل.
__________________
ـ العرب في الجاهلية من أهل نجد وهو خال امرىء القيس الشاعر قيل لقب مهلهلا لأنه أول من هلهل نسج الشعر أي رققه وكان من أصبح الناس وجها ومن أفصحهم لسانا عكف في صباه على اللهو والتشبيب بالنساء ، فسماه أخوه كليب زير النساء أي جليسهن ، ولما قتل جساس بن مرة كليبا ثار المهلهل فانقطع عن الشراب واللهو وآلى أن يثأر لأخيه فكانت وقائع بكر وتغلب التي دامت أربعين سنة وكانت للمهلهل فيها العجائب والأخبار الكثيرة أما شعره فعالي الطبقة.
ينظر الأعلام : ٤ / ٢٢٠ (١٤٨٧) ، الشعر والشعراء : ٩٩ ، جمهرة أشعار العرب : ١١٥.
(١) ينظر أمالي القالي : (١ / ٩٥) ، مجالس ثعلب : (١ / ٣٧) ، القرطبي : (١ / ٢٣٩) ، الدر المصون : (١ / ١٥٩).
(٢) ينظر البحر المحيط : ١ / ٢٥٦.
(٣) تقدم قريبا.
(٤) البيت لطرفة في معلقته ، وليس للنابغة كما قال المؤلف. ينظر ديوانه : ص ١٣٠ ، خزانة الأدب : ٤ / ٣٠٣ ، ٨ / ٢٢٨ ، والمحتسب : ١ / ١٨٣ ، وشرح التصريح : ٢ / ٨٣.