أي : وسّعت.
ومنه : «النّهار» لاتّساع ضوئه ، وإنّما أطلق على الماء مجازا إطلاقا للمحلّ على الحالّ.
ومنه قوله عليهالسلام : «ما أنهر الدّم» (١) معناه : ما وسّع الذّبح ؛ حتّى يجري الدّم كالنّهر ، وجمع النّهر : نهر وأنهار ، ونهر نهر : كثير الماء.
قال أبو ذؤيب (٢) : [المتقارب]
٣١٦ ـ أقامت به وابتنت خيمة |
|
على قصب وفرات نهر (٣) |
وروي أنّ أنهار الجنة ليست في أخاديد ، إنّما تجري على سطح الجنّة منبسطة بالقدرة ، والوقف على «الأنهار» حسن وليس بتامّ و «من تحتها» متعلق ب «تجري» ، و «تحت» مكان لا يتصرّف ، وهو نقيض «فوق» ، إذا أضيفا أعربا ، وإذا قطعا بنيا على الضّمّ. و «من» لابتداء الغاية.
وقيل : زائدة.
وقيل : بمعنى «في» ، وهما ضعيفان.
واعلم أنّه إذا قيل بأنّ الجنّة هي الأرض ذات الشّجر ، فلا بدّ من حذف مضاف ، أي : من تحت عذقها أو أشجارها.
وإن قيل : بأنّها الشّجر نفسه ، فلا حاجة إلى ذلك.
وإذا قيل بأنّ الأنهار اسم للماء الجاري فنسبة الجري إليه حقيقة ، [وإن قيل بأنّه اسم للأخدود الذي يجري فيه ، فنسبة الجري إليه](٤) مجاز ؛ كقول مهلهل (٥) : [الكامل]
__________________
(١) أخرجه البخاري (٥ / ١٥٥ ـ ١٥٦) «كتاب الشركة» باب قسمة الغنائم (٢٤٨٨ ، ٢٥٠٧ ، ٣٠٧٥ ، ٥٤٩٨ ، ٥٥٠٣ ، ٥٥٠٦ ، ٥٥٠٩ ، ٥٥٤٣ ، ٥٥٤٤) ومسلم (٣ / ١٥٥٩) (٢٢ / ١٩٦٨) وأبو داود (٢٨٢١) والترمذي (١ / ٢٨١) وابن ماجه (٣١٧٨ ، ٣١٨٣) والنسائي (٢ / ٢٠٦ ـ ٢٠٧) وأحمد (٤ / ١٤٠) وابن الجارود (٨٩٥) والبيهقي (٩ / ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٨١).
ومن حديث مري بن قطري عن عدي بن حاتم بلفظ : أنهر الدم بما شئت واذكر اسم الله عزوجل.
أخرجه أبو داود (٢٨٢٤) والنسائي (٢ / ٢٠٦) وابن ماجه (٣١٧٧) والحاكم (٤ / ٢٤٠) وقال : صحيح على شرط مسلم.
(٢) خويلد بن خالد بن محرث أبو ذؤيب ، من بني هذيل بن مدركة من مضر : شاعر فحل مخضرم ، أدرك الجاهلية والإسلام ، وسكن المدينة ، واشترك في الغزو والفتوح ، وعاش إلى أيام عثمان ، قال البغدادي : هو أشعر هذيل من غير مدافعة ، وفد على النبي صلىاللهعليهوسلم ليلة وفاته فأدركه وهو مسجى وشهد دفنه. ينظر الأعلام : ٢ / ٣٢٥ (٣٩٧٤) ، الأغاني : ٦ / ٥٦ ، الشعر والشعراء : ٢٥٢ ، خزانة البغدادي : ١ / ٢٠٣.
(٣) ينظر ديوان الهذليين : ١ / ١٤٦.
(٤) سقط في أ.
(٥) عدي بن ربيعة بن مرة بن هبيرة ، من بني جشم ، من تغلب ، أبو ليلى ، المهلهل شاعر من أبطال ـ