و «الجنّة» : البستان.
وقيل : الأرض ذات الشّجر ، سمّيت بذلك لسترها من فيها ، ومنه «الجنين» لاستتاره ، و «المجنّ» : التّرس ، وكذلك «الجنّة» لأنّه يستر صاحبه ، و «الجنّة» لاستتارهم عن أعين النّاس.
قال الفرّاء : «الجنّة» ما فيه النخيل ، و «الفردوس» : ما فيه الكرم.
فإن قيل : لم نكّرت «الجنّات» وعرّفت «الأنهار»؟ فالجواب : أنّ «الجنّة» اسم لدار الثّواب كلها ، وهي مشتملة على جنّات كثيرة مرتبة مراتب على استحقاقات العاملين ، لكل طبقة منهم جنة من تلك الجنّات.
وأمّا تعريف «الأنهار» ، فالمراد به الجنس ، كما يقال : لفلان بستان فيه الماء الجاري والتين والعنب ، يشير إلى الأجناس التي في علم المخاطب ، أو يشار باللام إلى أنهار مذكورة في قوله : (فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) [محمد : ١٥].
قوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) هذه الجملة في محلّ نصب ، لأنّها صفة ل «جنّات».
و «تجري» مرفوع لتجرّده من الناصب والجازم ، وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة في «الياء» استثقالا ، وكذلك تقدّر في كلّ فعل معتلّ نحو : «يدعو» ، و «يخشى» ، إلّا أنّها تقدّر في «الألف» تعذّرا.
«من تحتها» أي : من تحت أشجارها ومساكنها.
وقيل : من تحتها أي : بأمرهم.
كقول فرعون : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) [الزخرف : ٥١] أي : بأمري.
و «الأنهار» : جمع نهر بالفتح ، وهي اللّغة العالية ، وفيه تسكين «الهاء» ولكن أفعال» لا ينقاس في «فعل» السّاكن العين ، بل يحفظ نحو : «أفراخ» ، و «أزناد» ، و «أفراد».
و «النّهر» : دون البحر ، وفوق الجدول ، وهل هو مجرى الماء ، أو الماء الجاري نفسه؟
والأوّل أظهر ؛ لأنّه مشتقّ من «نهرت» أي : وسّعت.
قال قيس بن الخطيم يصف طعنة : [الطويل]
٣١٥ ـ ملكت بها كفّي فأنهرت فتقها |
|
........... (١) |
__________________
(١) تقدم برقم (٤٩).