وأجاز أبو البقاء (١) أن تكون حالا من اسم الله ، أي : مضلّا به كثيرا ، وهاديا به [كثيرا](٢).
وجوّز ابن عطية (٣) أن يكون جملة قوله : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً) من كلام الكفّار ، وجملة قوله : (وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) من كلام الباري تعالى. وهذا ليس بظاهر لأنّه إلباس في التركيب.
والضمير في «به» عائد على «ضرب» المضاف تقديرا إلى المثل ، أي بضرب المثل ، وقيل : الضمير الأوّل للتكذيب ، والثاني للتصديق ، ودلّ على ذلك قوة الكلام.
[وقرىء (٤) : «يضلّ به كثير ، ويهدى به كثير ، وما يضلّ به إلّا الفاسقون» بالبناء للمفعول](٥).
وقرىء أيضا (٦) : «يضلّ كثير ويهدي به كثير ، وما يضلّ به إلّا الفاسقون» بالبناء للفاعل.
قال بعضهم : «وهي قراءة القدريّة ، وقد نقل ابن عطية عن أبي عمرو الدّاني أنّها قراءة المعتزلة» (٧). ثم قال : «وابن أبي عبلة من ثقات الشاميين» يعني قارئها ، وفي الجملة فهي مخالفة لسواد المصحف.
فإن قيل : كيف وصف المهتدين هنا بالكثرة وهم قليلون ؛ لقوله : (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) [ص : ٢٤] ، و (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ : ١٣] فالجواب أنّهم ، وإن كانوا قليلين في الصّورة ، فهم كثيرون في الحقيقة ؛ كقوله : [البسيط]
٣٣٥ ـ إنّ الكرام كثير في البلاد وإن |
|
قلّوا كما غيرهم قلّ وإن كثروا (٨) |
فصار ذلك باعتبارين.
__________________
(١) ينظر الإملاء : ١ / ٢٦.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ١١٢.
(٤) قرأ بها زيد بن علي.
انظر البحر المحيط : ١ / ٢٧٠ ، والدر المصون : ١ / ١٦٧.
(٥) سقط في أ.
(٦) وهي قراءة إبراهيم بن أبي عبلة.
انظر المحرر الوجيز : ١ / ١١٢ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٧٠ ، والدر المصون : ١ / ١٦٧.
(٧) المنقول في «المحرر الوجيز» عن «أبي عمرو الداني» قوله : هذه قراءة القدرية ، وابن أبي عبلة من ثقات الشاميين ، ومن أهل السّنّة ، ولا تصحّ هذه القراءة عنه ، مع أنها مخالفة خط المصحف. ينظر المحرر الوجيز : ١ / ١١٢.
(٨) ينظر الكشاف : ١ / ١١٨ ، والدر المصون : ١ / ١٦٧.