و «السماء» تكون جمعا ل «سماوة» في قول الأخفش ، و «سماءة» في قول الزّجاج ، وجمع الجمع «سماوات» و «سماءات» ، فجاء «سواهن» إما على أن «السّماء» جمع ، وإما على أنها مفرد اسم جنس ، وقد تقدّم الكلام على «السّماء» في قوله : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) [البقرة : ١٩].
قوله : (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) هو : مبتدأ ، و «عليم» خبره ، والجار قبله يتعلّق به.
واعلم أنه يجوز تسكين هاء «هو» و «هي» بعد «الواو» و «الفاء» و «لام» الابتداء و «ثمّ» ؛ نحو : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ) [البقرة : ٧٤](ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [القصص : ٦١](لَهُوَ الْغَنِيُ) [الحج : ٦٤](لَهِيَ الْحَيَوانُ) [العنكبوت : ٦٤] وقرأ بها الكسائي وقالون عن نافع ، تشبيها ل «هو» ب «عضد» ول «هي» ب «كتف» ، فكما يجوز تسكين عين «عضد» و «كتف» يجوز تسكين هاء «هو» ، و «هي» بعد الأحرف المذكورة ؛ إجراء للمنفصل مجرى المتّصل ؛ لكثرة دورها معها ، وقد تسكن بعد كاف الجر ؛ كقوله : [الطويل]
٣٤٨ ـ فقلت لهم : ما هنّ كهي فكيف لي |
|
سلوّ ولا أنفكّ صبّا متيّما (١) |
وبعد همزة الاستفهام ؛ كقوله : [البسيط]
٣٤٩ ـ فقمت للطّيف مرتاعا فأرّقني |
|
فقلت : أهي سرت أم عادني حلم (٢) |
وبعد «لكن» في قراءة ابن (٣) حمدون (٤) : (لكِنَّا هُوَ اللهُ) [الكهف : ٣٨] وكذا في قوله : (يُمِلَّ هُوَ) [البقرة : ٢٨٢]. فإن قيل : عليم «فعيل» من «علم» ، و «علم» متعدّ بنفسه ، فكيف تعدّى ب «الباء» ، وكان من حقه إذا تقدم مفعوله أن يتعدّى إليه بنفسه أو ب
__________________
(١) ينظر همع الهوامع : (١ / ٦١) ، الدرر : (١ / ٣٧) ، الدر المصون : (١ / ١٧٣).
(٢) البيت لزياد بن منقذ ينظر في خزانة الأدب : ٥ / ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، والدرر : ١ / ١٩٠ ، وشرح التصريح : ٢ / ١٤٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي : ص ١٣٩٦ ، ١٤٠٢ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٩٠ ، وشرح شواهد المغني : ١ / ١٣٤ ، ومعجم البلدان : ١ / ٢٥٦ (أميلح) ، والمقاصد النحوية : ١ / ٢٥٩ ، ٤ / ١٣٧ ، أوضح المسالك : ٣ / ٣٧٠ ، والخصائص : ١ / ٣٠٥ ، ٢ / ٣٣٠ ، وشرح المفصل : ٩ / ١٣٩ ، ولسان العرب (هيا) ، ومغني اللبيب : ١ / ٤١ ، وأمالي ابن الحاجب : ١ / ٤٥٦ ، الأشباه والنظائر ٢ / ١٢٧ ، همع الهوامع : ٢ / ١٣٢ ، الدر المصون : ١ / ١٧٣.
(٣) قرأ بها زيد بن علي ، وعمران بن عثمان أبو البرهسم الزبيدي.
انظر غاية النهاية : ١ / ٦٠٤ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١١٧ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٨٩ ، والدر المصون : ١ / ١٧٧.
(٤) محمد بن حمدون أبو الحسن الواسطي الحذّاء ، وهم فيه صاحب «التجريد» فسمّاه عليّا ، ووهم فيه الهذلي فسمّاه عبد الله ، ثقة ضابط ، على قنبل ـ وراجع ابن عون ، وسمع الحروف من شعيب بن أيوب الصريفيني ، قرأ عليه أبو أحمد السامري عرضا ، وروى عنه القراءة أبو بكر بن مجاهد. كان من أهل الثقة والإتقان والضبط ، توفي سنة ٣١٠ ه. ينظر الغاية : ٢ / ١٣٥ (٢٩٨٣).