عطف عليه ، هذا هو مذهب البصريين ، أعني اشتراط الفعل بين المتعاطفين إذا كان المعطوف عليه ضميرا مرفوعا متصلا ، ولا يشترط أن يكون الفاصل توكيدا ، بل أي فصل كان ، نحو : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨].
وأما الكوفيون فيجيزون ذلك من غير فاصل ؛ وأنشدوا : [الخفيف]
٣٨٨ ـ قلت إذ أقبلت وزهر تهادى |
|
كنعاج الفلا تعسّفن رملا (١) |
وهذا عند البصريين ضرورة لا يقاس عليه ، وقد منع بعضهم أن يكون «زوجك» عطفا على الضمير المستكن في «اسكن» ، وجعله من عطف الجمل ، بمعنى أن يكون «زوجك» مرفوعا بفعل محذوف ، أي : ولتسكن زوجك ، فحذف لدلالة «اسكن» عليه (٢) ، ونظيره قوله: (لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ) [طه : ٥٨] وزعم أنه مذهب سيبويه ، وكان شبهته في ذلك أن من حقّ المعطوف حلوله محل المعطوف عليه ، ولا يصح هنا حلول «زوجك» محلّ الضمير لأنّ فاعل فعل الأمر الواحد المذكور نحو : «قم واسكن» لا يكون
__________________
ـ الأول : فعل الأمر للواحد المخاطب ؛ كافعل ، فالتقدير : أنت ، وهذا الضمير لا يجوز إبرازه ؛ لأنه لا يحل محله الظاهر ، فلا تقول : افعل زيد ، فأما : افعل أنت ، واسكن أنت ، ف «أنت» توكيد للضمير المستتر ، وعلى ذكر المصنف ـ رحمهالله ـ فإن كان الأمر لواحدة ، أو لاثنين ، أو لجماعة ، برز الضمير ، نحو : اضربي ، واضربا ، واضربوا ، واضربن.
الثاني : الفعل المضارع الذي في أوله همزة ، نحو : أوافق ، والتقدير : (أنا) ، فإن قلت : أوافق أنا ، وكان (أنا) تأكيدا للضمير المستتر.
الثالث : الفعل المضارع الذي في أوله النون ، نحو : «نغتبط» أي : نحن.
الرابع : الفعل المضارع الذي في أوله التاء لخطاب الواحد ، نحو : تشكر (أي : أنت).
وقد جمع ذلك ابن مالك فقال :
ومن ضمير الرفع ما يستتر |
|
كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر |
انظر التصريح على التوضيح : (١ / ١٠٠ ـ ١٠١) ، وشرح ابن عقيل : (١ / ٩٥ ـ ٩٧) ، والكتاب لسيبويه : (١ / ١٢٥) ، وحاشية الصبان على الأشموني : (١ / ١١٢ ـ ١١٣) ، وهمع الهوامع : (١ / ٦٢) ، وشرح المفصل : (٨ / ٧٦) ، وارتشاف الضرب : (٢ / ٦٥٧ ـ ٦٥٨).
(١) البيت لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ٤٩٨ ، شرح أبيات سيبويه ٢ / ١٠١ ، شرح عمدة الحافظ ٦٥٨ ، شرح المفصل ٣ / ٧٦ ، اللمع ١٨٤ ، ٢ / ٣٨٦ ، شرح الأشموني ٢ / ٤٢٩ ، شرح ابن عقيل ٥٠١ ، الكتاب ٢ / ٣٧٩ ، الدرر ٢ / ١٩١ ، الدر المصون ١ / ١٨٩.
(٢) إذا عطفت على الضّمير المرفوع المستكن ، أو البارز ، فذهب البصريون إلى أنه لا يجوز إلا بالفصل بين المتعاطفين ، بتوكيد بضمير منفصل ، أو بغيره.
وذهب الكوفيون وابن الأنباري : إلى أنه لا يشترط في ذلك الفصل ، بل يجوز في الكلام قمت وزيد ، وحكي عن أبي علي إجازة ذلك من غير فصل ، وفي كتاب سيبويه ـ حين ذكر انفصال بعض الضمائر : وكذلك (كنا وأنت ذاهبين) إلا أن الشرّاح تأولوه ، ولا يعتد عند البصريين بفصل كاف (رويدك) ، بل يؤكد إذا عطفت على الضمير المرفوع في (رويدك) ؛ فتقول : رويدك أنت وزيد.
ينظر ارتشاف الضرب : ٢ / ٦٥٨.