قوله : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) «لا» ناهية و «تقربا» مجزوم بها حذفت نونه.
وقرىء (١) : «تقربا» بكسر حرف المضارعة ، و «الألف» فاعل ، وتقول : «قربت» الأمر «أقربه» ـ بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع أي : التبست به.
وقال «الجوهريّ» «قرب» ـ بالضم ـ «يقرب» ـ «قربا» أي دنا. و «قربته» ـ بالكسر ـ «قربانا» دنوت منه.
وقربت ـ أقرب ـ قرابة ـ مثل : كتبت ـ أكتب ـ كتابة ـ إذا سرت إلى الماء وبينك وبينه ليلة.
وقيل : إذا قيل : لا تقرب ـ بفتح الرّاء كان معناه : لا تلتبس بالفعل ، وإذا قيل : لا تقرب ـ بالضّم ـ لا تدن منه.
و «هذه» مفعول به اسم إشارة للمؤنث ، وفيها لغات : هذي وهذه وهذه بكسر الهاء بإشباع [ودونه] «وهذه» بسكونها و «ذه» بكسر الذال فقط ، والهاء بدل من الياء لقربها منها في الخفاء.
قال «ابن عطية» ونقل أيضا عن النّحاس (٢) وليس في الكلام هاء تأنيث مكسور ما قبلها غير «هذه» ، وفيه نظر ؛ لأن تلك الهاء التي تدلّ على التأنيث ليست هذه ؛ لأن «تيك» بدل من تاء التأنيث في الوقف ، وأما هذه الهاء فلا دلالة لها على التأنيث ، بل الدّال عليه مجموع الكلمة كما لا يقال : الياء في «هذي» للتأنيث ، وحكمها في القرب والبعد والتوسّط ، ودخول هاء التنبيه وكاف الخطاب حكم «ذا» وقد تقدم.
ويقال فيها أيضا : «تيك» و «تيلك» و «تالك» ؛ قال : [الوافر]
٣٩٥ ـ تعلّم أنّ بعد الغيّ رشدا |
|
وأنّ لتالك العمر انكسارا (٣) |
قال هشام : ويقال : «تا فعلت» ؛ وأنشد : [الطويل]
٣٩٦ ـ خليليّ لو لا ساكن الدّار لم أقم |
|
بتا الدّار إلّا عابر ابن سبيل (٤) |
و «الشجرة» بدل من «هذه».
وقيل : نعت لها لتأويلها بمشتقّ ، أي : بهذه الحاضرة من الشجر. والمشهور أنّ اسم الإشارة إذا وقع بعده مشتقّ كان نعتا له ، وإن كان جامدا كان بدلا منه.
__________________
(١) قرأ بها يحيى بن وثاب ، وهي لغة عند الحجازيين.
انظر الشواذ : ٤ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٠٩ ، والدر المصون : ١ / ١٩١.
(٢) ينظر إعراب القرآن : ١ / ١٦٣.
(٣) ينظر البيت في الهمع : (١ / ٧٥) ، الدرر : (١ / ٤٩) ، خزانة الأدب : (٩ / ١٢٩ ، ١٣٠) ، القرطبي : (٢ / ٥٤) ، الدر المصون : (١ / ١٩١) ، اللسان «تا».
(٤) ينظر القرطبي : (١ / ٢١٣) ، الدر المصون : (١ / ٢٨٤.