وهي لازمة الظرفية لا تتصرف ، وقد تجر ب «من» كقوله تعالى : (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) [البقرة : ٢٢٢](مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) [الأعراف : ١٨٢] وهي لازمة للإضافة إلى جملة مطلقا ، ولا تضاف إلى المفرد إلا نادرا ؛ قالوا : [الرجز]
٣٩٢ ـ أما ترى حيث سهيل طالعا (١)
وقال آخر : [الطويل]
٣٩٣ ـ ونطعنهم تحت الحبى بعد ضربهم |
|
ببيض المواضي حيث ليّ العمائم (٢) |
وقد تزاد عليها «ما» فتجزم فعلين شرطا وجزاء ك «إن» ، ولا يجزم بها دون «ما» خلافا لقوم ، وقد تشرب معنى التعليل ، وزعم الأخفش أنها تكون ظرف زمان ، وأنشد : [المديد]
٣٩٤ ـ للفتى عقل يعيش به |
|
حيث تهدي ساقه قدمه (٣) |
ولا دليل فيه ، لأنها على بابها. والعامل فيها هنا «كلا» أي : «كلا أي مكان شئتما» توسعة عليهما.
وأجاز «أبو البقاء» (٤) أن تكون بدلا من «الجنة» ، قال : «لأنّ الجنة مفعول بها ، فيكون حيث مفعولا به» وفيه نظر ؛ لأنها لا تتصرّف كما تقدّم إلا بالجر ب «من».
و «شئتما» الجملة في محلّ خفض بإضافة الظرف إليه. وهل الكسرة التي على الشين أصل كقولك : جئتما وخفتما ، أو محوّلة من فتحة لتدلّ على ذوات الياء نحو : يعتمد؟
قولان مبنيان على وزن شاء ما هو؟ فمذهب المبرد أنه : «فعل» بفتح العين ، ومذهب سيبويه «فعل» بكسرها ، ولا يخفى تصريفهما.
__________________
(١) ينظر البيت في شرح المفصل : (٤ / ٩٠) ، الشذور : (١٢٩) ، الخزانة : (٣ / ١٥٥) ، الدرر : (١ / ١٨٠) ، مغني اللبيب : (١ / ١٣٣) ، ابن الناظم : (٣٩١) ، الأشموني : (٢ / ٢٥٤) ، الهمع : (١ / ٢١٢) وتمامه : نجما مضيئا كالشهاب لامعا ، الدر المصون : (١ / ١٩٠).
(٢) البيت للفرزدق ينظر في شرح شواهد المغني : ١ / ٣٨٩ ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٣٨٧ ، أوضح المسالك : ٣ / ١٢٥ ، وخزانة الأدب : ٦ / ٥٥٣ ، ٥٥٧ ، ٥٥٨ ، ٧ / ٤ ، والدرر : ٣ / ١٢٣ ، وشرح التصريح : ٢ / ٣٩ ، وشرح المفصل : ٤ / ٩٢ ، وشرح الأشموني : ٢ / ٣١٤ ، ومغني اللبيب : ١ / ١٣٢ ، وهمع الهوامع : ١ / ٢١٢ ، الدر المصون : ١ / ١٩٠.
(٣) البيت لطرفة بن العبد ينظر ديوانه : ص ٨٦ ، وخزانة الأدب : ٧ / ١٩ ، والدرر : ٣ / ١٢٥ ، وسمط اللآلي : ص ٣١٩ ، ولسان العرب (سوق) ، (هدى) ، شرح المفصل : ٤ / ٩٢ ، ومجالس ثعلب : ص ٢٣٨ ، وهمع الهوامع : ١ / ٢١٢ ، الدر المصون : ١ / ١٩٠.
(٤) ينظر الاملاء : ١ / ٣٠.