فقوله : «اسكن» يقال لمن أراد منه : الزم المكان الذي دخلته ، فلا تنفك عنه ، ويقال أيضا لمن لم يدخله : اسكن هذا المكان يعني : ادخله واسكن فيه ، فقوله في سورة البقرة : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا) إنما ورد بعد أن كان آدم في الجنّة ، فكان المراد منه اللّبث والاستقرار ، وقد بيّنّا أن الأكل لا يتعلّق به ، فلهذا ورد بلفظ الواو ، وفي سورة «الأعراف» هذا الأمر إنما ورد قبل دخول الجنّة ، فكان المراد منه دخول الجنة ، وقد بينا أن الأكل متعلّق به ، فلهذا ورد بلفظ الفاء ، والله أعلم.
و «رغدا» نعت لمصدر محذوف ، وقد تقدم أن مذهب سيبويه في هذا ونحوه أن ينتصب حالا.
وقيل : هو مصدر في موضع الحال أي : كلا طيّبين مهنّأين.
وقرأ النّخعي (١) وابن وثّاب : «رغدا» بسكون الغين ، وهي لغة «تميم».
وقال بعضهم : كل فعل حلقي العين صحيح اللّام يجوز فتح عينه وتسكينها ، نحو : «نهر وبحر» وهي لغة «تميم».
وهذا فيه نظر ، بل المنقول أن «فعلا» بسكون العين إذا كانت عينه حلقية لا يجوز فتحها عند البصريين ، إلّا أن يسمع فيقتصر عليه ، ويكون ذلك على لغتين ؛ لأن إحداهما مأخوذة من الأخرى.
وأما الكوفيون فبعض هذا عندهم ذو لغتين ، وبعضه أصله السّكون ، ويجوز فتحه قياسا ، أما أن «فعلا» المفتوح العين الحلقيها يجوز فيه التسكين ، فيجوز في السّحر : السّحر ، فهذا لا يجيزه أحد.
و «الرّغد» : الواسع الهنيء ؛ قال امرؤ القيس : [الرمل]
٣٩١ ـ بينما المرء تراه ناعما |
|
يأمن الأحداث في عيش رغد (٢) |
ويقال : رغد عيشهم ـ بضم الغين وبكسرها ـ وأرغد القوم : صاروا في رغد.
«حيث شئتما» حيث : ظرف مكان ، والمشهور بناؤها على الضم لشبهها بالحرف في الافتقار إلى جملة ، وكانت حركتها ضمة تشبيها ب «قبل وبعد».
ونقل «الكسائي» إعرابها عن «قيس» وفيها لغات : «حيث» بتثليث الثاء ، و «حوث» بتثليثها أيضا ، ونقل : «حاث» بالألف.
__________________
(١) انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٢٧ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٠٩ ، والدر المصون : ١ / ١٨٩ ، والقرطبي : ١ / ٢٠٨.
(٢) البيت ليس في ديوانه ، وهو في البحر : ١ / ٣٠٥ ، مجمع البيان : ١ / ١٨٦ ، المحرر الوجيز : ١ / ٢٣٧ ، الدر المصون : ١ / ١٩٠.