وأما عداوة الحيّة فلما نقله أهل التفسير من إدخاله إبليس في فيها ، وقوله صلىاللهعليهوسلم : «اقتلوا الحيّات صغيرها وكبيرها وأبيضها وأسودها ، فإن من قتلها كانت له فداء من النار ومن قتلته كان شهيدا» (١).
وما كان من الحيات في البيوت فلا يقتل حتى يؤذن ثلاثة أيام ؛ لقوله صلىاللهعليهوسلم : «إن بالمدينة جنّا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان» (٢).
وفي رواية : «إنّ لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم شيئا منها فحرّجوا عليها ثلاثا ، فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر» (٣).
وصفة الإنذار أن يقول : أنذرتكم بالعهد الذي أخذه عليكم نوح ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ وأنشدكم بالعهد الذي أخذه عليكم سليمان ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ أن تخرجوا.
وأما كون الجنّ حيات فلقوله عليه الصّلاة والسّلام : «الجنّ على ثلاثة أثلاث فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء ، وثلث حيّات وكلاب ، وثلث يحلّون ويظعنون» (٤).
واللّام في «لبعض» متعلقة ب «عدو» ، فلما قدم عليه انتصب حالا ، فتتعلّق اللام حينئذ بمحذوف ، وهذه الجملة الحالية لا حاجة إلى ادعاء حذف «واو» الحال منها ؛ لأن الرّبط حصل بالضمير ، وإن كان الأكثر في الجمل الاسمية الواقعة حالا أن تقترن بالواو.
و «البعض» في الأصل مصدر بعض الشيء يبعضه ، إذا قطعه فأطلق على القطعة من النّاس ؛ لأنها قطعة منه ، وهو مقابل «كلّا» ، وحكمه حكمه في لزوم الإضافة معنى ، وأنه
__________________
(١) أخرجه بهذا اللفظ الطبراني في «الكبير» (٥ / ٢٠ ، ٨١) وذكره الهيثمي في «المجمع» (٤ / ٤٩) عن سراء بنت نبهان الغنوية.
وقال الحافظ الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير وفيه أحمد بن الحارث الغساني وهو متروك.
والحديث ذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (١٥ / ٤٤) رقم (٤٠٠١٠).
(٢) أخرجه مسلم «كتاب السلام» باب قتل الحيات وغيرها رقم (١٣٩) ومالك في «الموطأ» (٩٧٧) والبغوي في «شرح السنة» (١٢ / ١٩٤) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٤ / ٩٤).
(٣) ذكره ابن أبي حاتم في «العلل» (٢ / ٣١٧) رقم (٢٤٦٦) عن أبي سعيد وذكره الهيثمي في «المجمع» (٤ / ٥١) عن سهل بن سعد بلفظ : هذه البيوت عوامر فإذا رأيتم منها شيئا فتعوذوا منه فإن عاد فاقتلوه.
وعزاه للطبراني في الكبير وقال : ورجاله رجال الصحيح.
(٤) أخرجه الحاكم : (٢ / ٤٥٦) وابن حبان (٢٠٠٧) والطبراني في «الكبير» (٢٢ / ٢١٤) وفي «مسند الشاميين» رقم (١٩٥٦) والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص (٣٨٨) وأبو نعيم في «الحلية» (٥ / ١٣٧) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٤ / ٩٥) عن أبي ثعلبة الخشني.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
والحديث ذكره الهيثمي في «المجمع» (٨ / ١٣٦) وقال : رواه الطبراني ورجاله وثقوا.