معرفة بنيّة الإضافة فلا تدخل عليه «أل» وينتصب عنه الحال ؛ تقول : «مررت ببعض جالسا» وله لفظ ومعنى ، وقد تقدم تقرير ذلك.
تنبيه
من قال : إن جنّة آدم كانت في السماء فسّر الهبوط بالنزول من العلو إلى أسفل ، ومن قال : إنها كانت في الأرض فسره بالتحوّل من مكان إلى آخر كقوله : (اهْبِطُوا مِصْراً) [البقرة : ٦١].
قوله : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ).
هذه الجملة يجوز فيها الوجهان المتقدّمان في الجملة قبلها من الحالية ، والاستئناف كأنه قيل : اهبطوا متعادين ، ومستحقين الاستقرار.
و «لكم» خبر مقدم. و «في الأرض» متعلّق بما تعلّق به الخبر من الاستقرار.
وتعلقه به على وجهين :
أحدهما : أنه حال.
والثاني : أنه غير حال ، بل كسائر الظروف ، ويجوز أن يكون «في الأرض» هو الخبر ، و «لكم» متعلّق بما يتعلّق به هو من الاستقرار ، لكن على أنه غير حال ؛ لئلا يلزم تقديم الحال على عاملها المعنوي ، على أن بعض النحويين أجاز ذلك إذا كانت الحال نفسها ظرفا ، أو حرف جر كهذه الآية ، فيكون في «لكم» أيضا الوجهان ، قال بعضهم : ولا يجوز أن يكون «في الأرض» متعلّقا ب «مستقر» ، سواء جعل مكانا أو مصدرا ؛ أما كونه مكانا فلأن أسماء الأمكنة لا تعمل ، وأما كونه مصدرا فلأن المصدر الموصول لا يجوز تقديم معموله عليه.
ولقائل أن يقول : هو متعلّق به على أنه مصدر ، لكنه غير مؤول بحرف مصدريّ ، بل بمنزلة المصدر في قولهم : «له ذكاء ذكاء الحكماء» وقد اعتذر صاحب هذا القول بهذا العذر نفسه في موضع آخر مثل هذا. و «إلى حين» الظّاهر أنه متعلّق ب «متاع» ، وأن المسألة من باب الإعمال ؛ لأن كلّ واحد من قوله : (مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ) يطلب قوله : (إِلى حِينٍ) من جهة المعنى. وجاء الإعمال هنا على مختار البصريين ، وهو إعمال الثّاني وإهمال الأول ، فلذلك حذف منه ، والتقدير : ولكم في الأرض مستقرّ إليه ، ومتاع إلى حين ، ولو جاء على إعمال الأول لأضمر في الثاني.
فإن قيل : من شرط الإعمال أن يصحّ تسلّط كل من العالمين على المعمول ، و «مستقر» لا يصحّ تسلّطه عليه لئلّا يلزم الفصل بين المصدر ومعموله ، والمصدر بتقدير الموصول.
فالجواب : أن المحذور في المصدر الذي يراد به الحدث ، وهذا لم يرد به حدث ،