المفيدة مجازا تسمية للكلّ باسم الجزء كقوله تعالى : (إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ) ثم فسرها بقوله : (أَلَّا نَعْبُدَ) [آل عمران : ٦٤] إلى آخر الآية ، وقال : (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ) [المؤمنون : ١٠٠] يريد قوله : (رَبِّ ارْجِعُونِ) إلى آخره ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد» (١) وهو قوله : [الطويل]
٤١٠ ـ ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل |
|
وكلّ نعيم لا محالة زائل (٢) |
فسمى هذا البيت كلمة ، والتوبة : الرجوع ، ومعنى وصف الله ـ تعالى ـ بذلك أنه عبارة عن العطف على عباده ، وإنقاذهم من العذاب.
وقيل : قبول توبته.
وقيل : خلقه الإنابة والرجوع في قلب المسمى ، وآخر الطّاعات على جوارحه ، ووصف العبد بها ظاهر ؛ لأنه يرجع عن المعصية إلى الطاعة.
و (التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) صفتا مبالغة ، ولا يختصّان بالباري تعالى.
قال تعالى : (يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) [البقرة : ٢٢٢] ، ولا يطلق عليه «تائب» ، وإن صرح بفعله مسند إليه تعالى. وقدم «التواب» على «الرحيم» لمناسبة (فَتابَ عَلَيْهِ) ، ولأنه مناسب لختم الفواصل بالرحيم.
وقوله : (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) نظير قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [البقرة : ٣٢].
وأدغم أبو عمرو هاء «إنّه» في هاء «هو» ، واعترض على هذا بأنّ بين المثلين ما يمنع من الإدغام وهو «الواو» ؛ وأجيب : بأن «الواو» وصلة زائدة لا يعتدّ بها ؛ بدليل سقوطها في قوله : [الوافر]
٤١١ ـ له زجل كأنّه صوت حاد |
|
إذا طلب الوسيقة أو زمير (٣) |
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح (٥ / ١٢٨) كتاب المناقب باب أيام الجاهلية حديث رقم (٣٨٤١) عن أبي هريرة.
وابن ماجه في السنن (٢ / ٢٣٦) كتاب الأدب باب الشعر حديث رقم (٣٧٥٧) ـ وأحمد في المسند (٢ / ٣٣٩) ، (٣ / ٢٤٨ ، ٣٩٣ ، ٤٥٨) ـ والبخاري في التاريخ الكبير (٧ / ٢٤٩) وذكره التبريزي في مشكاة المصابيح حديث رقم ٤٧٨٦.
(٢) ينظر في ديوانه : ٢٥٦ ، جواهر الأدب : ٣٨٢ ، خزانة الأدب : ٢ / ٢٥٥ و ٢٥٧ ، الدرر : ١ / ٧١ ، ديوان المعاني : ١ / ١١٨ ، وسمط اللآلي : ٢٥٣ ، شرح الأشموني : ١ / ١١ ، شرح التصريح : ١ / ٢٩ ، شرح شذور الذهب : ٣٣٩ ، شرح شواهد المغني : ١ / ١٥٠ و ١٥٣ و ١٥٤ و ٣٩٢ ، شرح المفصل : ٢ / ٧٨ ، العقد الفريد : ٥ / ٢٧٣ ، لسان العرب (رجز) ، المقاصد النحوية : ١ / ٥ و ٧ و ٢٩١ ، أوضح المسالك : ٢ / ٢٨٩ ، رصف المباني : ٢٦٩ ، شرح قطر الندى : ٢٤٨ ، والدر المصون : ١ / ١٩٦.
(٣) البيت للشماخ في ديوانه : ص ١٥٥ وينظر شرح أبيات سيبويه : ١ / ٤٣٧ ، والكتاب : ١ / ٣٠ ، لسان العرب (ها) ، والدرر : ١ / ١٨١ ، الخصائص : ١ / ٣٧١ ، الإنصاف : ٢ / ٥١٦ ، الأشباه والنظائر : ٢ / ـ