وقيل : لأنه على نيّة الألف واللام.
وقيل : حذف التنوين تخفيفا ، وقرأ الزهري ، والحسن ، وعيسى بن عمر ، وابن أبي إسحاق ، ويعقوب : «فلا خوف» مبنيا على الفتح ؛ لأنها «لا» التبرئة ، وهي أبلغ في النّفي ، ولكن الناس رجّحوا قراءة الرفع.
قال «أبو البقاء» : لوجهين :
أحدهما : أنه عطف عليه ما لا يجوز فيه إلّا الرفع. وهو قوله : (وَلا هُمْ) لأنه معرفة ، و «لا» لا تعمل في المعارف ، فالأولى أن يجعل المعطوف عليه كذلك لتتشاكل الجملتان ، ثم نظره بقولهم : «قام زيد وعمرا كلّمته» يعني في ترجيح النّصب في جملة الاشتغال للتشاكل.
ثم قال : والوجه الثاني : من جهة المعنى ، وذلك أن البناء يدلّ على نفي الخوف عنهم بالكلية ، وليس المراد ذلك ، بل المراد نفيه عنهم في الآخرة.
فإن قيل : لم لا يكون وجه الرفع أن هذا الكلام مذكور في جزاء من اتبع الهدى ، ولا يليق أن ينفى عنهم الخوف اليسير ، ويتوهّم بثبوت الخوف الكثير.
قيل : الرفع يجوز أن يضمر معه نفي الكثير ، تقديره : ولا خوف كثير عليهم ، فيتوهّم ثبوت القليل ، وهو عكس ما قدر في السّؤال ، فبان أن الوجه في الرفع ما ذكرنا.
قوله : (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) تقدّم أنه جملة منفية ، وأن الصّحيح أنها غير عاملة.
و «يحزنون» في محلّ رفع خبر للمبتدأ ، وعلى ذلك القول الضّعيف يكون في محلّ نصب و «الخوف» : الذّعر والفزع ، يقال : خاف يخاف خوفا ، فهو خائف ، والأصل : خوف بوزن «علم» ويتعدّى بالهمزة والتضعيف ، قال تعالى : (وَنُخَوِّفُهُمْ) [الإسراء : ٦٠] ولا يكون إلا في الأمر المستقبل.
والحزن : ضد السرور ، وهو مأخوذ من «الحزن» ، وهو ما غلظ من الأرض ، فكأنه ما غلظ من الهمّ ، ولا يكون إلا في الأمر الماضي ، يقال : حزن يحزن حزنا وحزنا ، ويتعدّى بالهمزة نحو : أحزنته ، وحزّنته بمعناه ، فيكون «فعّل» و «أفعل» بمعنى. وقيل : أحزنه حصّل له حزنا.
وقيل : الفتحة معدّية للفعل نحو : شترت عينه وشترها الله ، وهذا على قول من يرى أن الحركة تعدّي الفعل ، وقد قرىء باللغتين (١) : «حزنه وأحزنه» ، وسيأتي تحقيقهما إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) ينظر القراءة السابقة.