نقل «النحاس» هذه العلّة عن الخليل وسيبويه وهذه لغة مطّردة عندهم إلّا أن تكون الألف للتثنية ، فإنهم يثبتونها نحو : «جاء مسلماي ، وغلاماي».
قوله : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) قد تقدّم أنه يجوز أن يكون جوابا للشرط ، فيكون في محلّ جزم ، وأن يكون خبرا ل «من» إذا قيل بأنها موصولة ، وهو أولى لمقابلته بالموصول في قوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) [البقرة : ٣٩] ، فيكون في محل رفع ، و «لا» يجوز أن تكون عاملة عمل «ليس» فيكون «خوف» اسمها ، و «عليهم» في محلّ نصب خبرها ، ويجوز أن تكون غير عاملة ، فيكون «خوف» مبتدأ ، و «عليهم» في محلّ رفع خبره ، وهذا أولى مما قبله لوجهين :
أحدهما : أن عملها عمل «ليس» قليل ، ولم يثبت إلّا شيء محتمل ، وهو قوله : [الطويل]
٤١٩ ـ تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا |
|
ولا وزر ممّا قضى الله واقيا (١) |
والثاني : أن الجملة التي بعدها وهي «ولا هم يحزنون» تعيّن أن تكون «لا» فيها غير عاملة ؛ لأنها لا تعمل في المعارف ، فجعلها غير عاملة فيه مشاكلة لما بعدها ، وقد وهم بعضهم ، فجعلها عاملة في المعرفة ؛ مستدلّا بقوله : [الطويل]
٤٢٠ ـ وحلّت سواد القلب لا أنا باغيا |
|
سواها ولا في حبّها متراخيا (٢) |
ف «أنا» اسمها و «باغيا» خبرها.
قيل : ولا حجّة فيه ؛ لأن «باغيا» حال عاملها محذوف هو الخبر في الحقيقة تقديره : ولا أنا أرى باغيا ، أو يكون التقدير : ولا أرى باغيا ، فلما حذف الفعل انفصل الضمير.
وقرىء (٣) : «فلا خوف» بالرفع من غير تنوين ، والأحسن فيه أن تكون الإضافة مقدّرة ، أي : خوف شيء.
__________________
(١) ينظر أوضح المسالك : ١ / ٢٨٩ ، وتخليص الشواهد : ص ٢٩٤ ، والجنى الداني : ص ٢٩٢ ، وجواهر الأدب : ص ٢٣٨ ، والدرر : ٢ / ١١١ ، وشرح الأشموني : ١ / ٢٤٧ ، وشرح التصريح : ١ / ١٩٩ ، وشرح شذور الذهب : ص ٥٦ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٦١٢ ، وشرح ابن عقيل : ص ١٥٨ ، وشرح عمدة الحافظ : ص ٢١٦ ، وشرح قطر الندى : ص ١١٤ ، ومغني اللبيب : ١ / ٢٣٩ ، والمقاصد النحوية : ٢ / ١٠٢ ، وهمع الهوامع : ١ / ١٢٥ ، الدر المصون : ١ / ١٩٩.
(٢) البيت للنابغة الجعدي. ينظر ديوانه : ص ١٧١ ، الأشباه والنظائر : ٨ / ١١٠ ، تخليص الشواهد : ص ٢٩٤ ، الجنى الداني : ص ٢٩٣ ، شرح التصريح : ١ / ١٩٩ ، شرح شواهد المغني : ٢ / ٦١٣ ، مغني اللبيب : ١ / ٢٤٠ ، المقاصد النحوية : ٢ / ١٤١ ، جواهر الأدب : ص ٢٤٧ ، شرح ابن عقيل : ص ١٥٩ ، همع الهوامع : ١ / ١٢٥ ، الدر المصون : ١ / ٢٠٠.
(٣) قرأ بها ابن محيصن.
انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٣٢ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٢٢ ، والدر المصون : ١ / ٢٠٠ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٣٨٩.