حاجي حفيد الناصر محمد ، وسنه وقتئذ إحدى عشرة سنة ، وذلك سنة ٧٨٣ ه (١).
وسرعان ما يكمل الأمير برقوق حيلته ، لينال السلطة ، بعد تدبير وتحايل ، ولما رأى أن الوقت حان يقفز على كرسي السلطنة بهذه الطريقة التي لا تخلو من طرافة : «.. وأخيرا صعد اثنان من أعوان برقوق ، وأخذا السلطان الصالح أمير حاج من قاعة الملك ، وحملاه إلى أهله بالدور السلطانية بعد أن جرداه من شارات السلطنة ، وفي الحال استحضر الخليفة العباسي المتوكل على الله ، وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني وغيرهما من العلماء والأمراء والقضاة ، فبايعوا برقوق الذي تلقب بالسلطان الظاهر» (٢).
وكان ذلك في يوم الأربعاء تاسع عشر رمضان من سنة أربع وثمانين وسبعمائة ، وبذلك قامت دولة المماليك الجراكسة (٣).
وسنحاول في السطور التالية التعرض بالحديث عن سلاطين الفترة التي عاصرها شيخنا ابن عادل الحنبلي ، وهي تقريبا من بداية القرن التاسع الهجري ، وحتى سنة ٨٨٠ ه ، ونحن ما جزمنا بهذه الفترة جزما أكيدا ، لأنا لا ندري سنة ميلاد الإمام بالتحديد.
وقد احتوت هذه الفترة على سبعة عشر سلطانا من سلاطين المماليك البرجية ؛ وأشهرهم :
١ ـ الناصر فرج :
وهو فرج بن برقوق بن أنص ، زين الدين ، تسلطن كأبيه مرتين ، أولاها في سنة ٨٠١ ه ، وخلع بعد سبع سنين ، ثم تولى سنة ٨٠٨ ه ، ومات مقتولا في سنة ٨١٥ ه.
وأهم أعماله : صلحه مع تيمور لنك بعد فشله في صد هجماته عن بلاد الشام ، وقد عرف هذا السلطان ـ فرج ـ بالقسوة والوحشية حتى أنه من أجل توطيد دعائم سلطنته يقتل أخويه ، وقد كثرت الفتن في فترة حكمه ، وبخاصة في الشام ، فأعلن نائب الشام ونائب طرابلس الثورة عليه ، وزحفا إلى مصر ، فألحقا به الهزيمة ، وقبض عليه ليقتل شر قتلة(٤)
٢ ـ السلطان المؤيد شيخ المحمودي :
أقام الخليفة العباسي المستعين سلطانا سنة ٨١٥ ه ، وهو نائب طرابلس الأمير شيخ،
__________________
(١) ينظر في ذلك : المقريزي : الخطط ٢ / ٢٤٠ ، والسلوك ٣ / ٤٣٩ ، وابن تغري بردي : النجوم الزاهرة : ١١ / ٢٠٦.
(٢) د. سعيد عاشور : العصر المماليكي في مصر والشام ص ١٥٨.
(٣) ينظر : ابن دقماق : الجوهر الثمين ٢ / ٢٦١ ، والمقريزي : الخطط ٢ / ٢٤١ ، والسلوك ٣ / ٤٧٧ ، وابن حجر : إنباء الغمر بأبناء العمر ٢ / ٦٦ ، وابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ١١ / ٢٢١ ، والسخاوي الضوء اللامع ٣ / ١١ ، وعبد الباسط الحنفي : نزهة الأساطين ص ١١٧.
(٤) ينظر : ابن حجر : إنباء الغمر ٢ / ٥٠٩ ـ ٥١١ ، وابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ١٣ / ١٢٧ والمقريزي : السلوك ٤ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، وعبد الباسط الحنفي : نزهة الأساطين ص ١٢١.