٢ ـ ثورتهم بقيادة سنجر الشجاعي ضد كتبغا ، وهزيمتهم له في بادىء الأمر ، ثم انقلابهم على سنجر لما علموا أنه لا يعمل لابن أميرهم السلطان الناصر ، بل يدبر لنفسه.
٣ ـ ثوراتهم المتكررة ضد كتبغا بسبب تشريده لهم في نواح متفرقة من القاهرة.
٤ ـ ولما خلع السلطان الناصر ، وحلّ كتبغا مكانه ، ثم لاجين من بعده ، قاومهم المماليك البرجية ، حتى أعادوا الناصر محمد بن قلاوون.
ومن ثم فقد حظي المماليك البرجية بعناية الناصر قلاوون ، حتى رأيناه يعين في سلطنته الثانية ـ هذه ـ أحد أمراء المماليك البرجية ، وهو الأمير عز الدين أيبك المنصوري ـ في الوزارة(١).
وفي حوادث سنة ٦٩٨ ه قال المقريزي : «وقويت شوكة البرجية بدار مصر ، وصارت لهم الحمايات الكبيرة ، وتردد الناس إليهم في الأشغال ، وقام بأمرهم الأمير بيبرس الجاشنكير (٢) وأمر منهم عدة .. وصار في قبالته الأمير سيف الدين سلار ومعه الصالحية والمنصورية ، إلا أن البرجية أكثر وأقوى ، ووقع الحسد بين الطائفتين ، وصار بيبرس إذا أمر أحدا من البرجية وقفت أصحاب سلار ، وطلبت منه أن يؤمر منهم واحدا ..» (٣).
إلا أن المماليك البرجية ساءت أحوالهم في السلطنة الثالثة للناصر قلاوون ، بعد أن أحس بخطرهم ، وكان قد بلغ من العمر ما مكنه من التصدي لكبار أمراء الترك والجراكسة معا ، فقبض على بيبرس الجاشنكير وقتله. وكان هذا الأخير قد خلع الناصر وتسلطن مكانه ، فكرهه الناس ، وثاروا عليه ، حتى أقاموا الناصر قلاوون مكانه.
ولكن ما زالت الأيام تخفض في سلطة المماليك البرجية وترفع فيها ، حتى برز من بينهم أحد الأمراء ، وهو «برقوق» بن أنص العثماني الجركسي ، الذي استطاع بعلو همته ، وطموحه البالغ أن يصل إلى منصب أتابك العسكر ، وذلك سنة ٧٨٠ ه حيث كان السلطان علاء الدين علي (٤) حاكما وقتئذ ، وسنه لم تتجاوز ست سنوات.
وقد احتال برقوق على السلطان علاء الدين ليخلعه بسبب صغر سنه ، فاستدعى الخليفة والقضاة ، وكبار الأمراء بقلعة الجبل (٥) ، حتى تم خلع علاء الدين ، وإقامة أمير
__________________
(١) ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ٨ / ١٤٠ ، نقلا عن العصر المماليكي ص ١٤٧.
(٢) انظر ترجمته وأخباره في : ابن دقماق : الجوهر الثمين ٢ / ١٣٩ ، والمقريزي : الخطط ٢ / ٤١٧ ، وابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ٨ / ٢٧٥ ، وابن إياس : بدائع الزهور ٢ / ٨٠. وعبد الباسط الحنفي : نزهة الأساطين ص ٩٣ ، وما بعدها.
(٣) المقريزي : السلوك ١ / ٨٧٥ ـ ٨٧٦.
(٤) ينظر أخباره في : المقريزي : الخطط ٢ / ٢٤٠ ، والسلوك ٣ / ٢٨٣ ، وابن حجر : إنباء الغمر ١ / ٢٣٢ ، وابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ١١ / ١٨٨.
(٥) بناها السلطان صلاح الدين الأيوبي ، وانظر ذلك عند : المقريزي : الخطط ٢ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.