وإن كان معناه لغير متبوعه ، وافقه في اثنين من خمسة : في واحد من ألقاب الإعراب ، وفي واحد من التعريف والتنكير (١) ؛ نحو : «مررت برجلين عاقلة أمّهما» ، فلم يتبعه في تثنية ولا تذكير.
وإذا اختصرت ذلك كلّه ، فقل : النعت يلزم أن يتبع منعوته في اثنين من خمسة مطلقا : في واحد من ألقاب الإعراب ، وفي واحد من التعريف والتنكير ، وفي الباقي كالفعل ؛ يعني : أنّك تضع موضع النعت فعلا ، فمهما ظهر في الفعل ، ظهر في النعت ؛ مثاله ما تقدم في : «مررت برجلين [عاقلة أمّهما»](٢) ؛ لأنك تقول : «مررت برجلين عقلت أمّهما».
«والرّجيم» قد تبع موصوفه في أربعة من عشرة ؛ لما عرفت ، وهو مشتقّ من «الرّجم» ، والرّجم أصله : الرّمي بالرّجام ، وهي الحجارة ، ويستعار الرّجم للرمي بالظّنّ والتوهّم. قال زهير (٣) : [الطويل]
٥ ـ وما الحرب إلّا ما علمتم وذقتم |
|
وما هو عنها بالحديث المرجّم (٤) |
ويعبّر به ـ أيضا ـ عن الشّتم ؛ قال تعالى : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ) [مريم : ٤٦] قيل : أقول فيك قولا سيئا.
والمراجمة : المسابّة الشديدة استعارة كالمقاذفة ، فالرجيم معناه : المرجوم ، فهو «فعيل» بمعنى «مفعول» ؛ كقولهم : كفّ خضيب أي : مخضوب ؛ ورجل لعين أي : ملعون قال الرّاغب (٥) : والتّرجمان تفعلان من ذلك كأنه يعني أنّه يرمي بكلام (٦) من يترجم عنه إلى
__________________
(١) سقط في : أ.
(٢) في أ : أمهما عاقلة.
(٣) زهير بن أبي سلمى بن ربيعة بن رياح المزني من مضر ، حكيم شعراء الجاهلية ، ولد بالمدينة. قال ابن الأعرابي : كان لزهير من الشعر ما لم يكن لغيره ، كان أبوه شاعرا ، وخاله شاعرا ، وأخته شاعرة ، وابناه شاعرين ، وأخته الخنساء شاعرة ، كانت قصائده تسمى الحوليات. توفي ١٣ ق ه.
ينظر معاهد التنصيص : ١ / ٣٢٧ ، وجمهرة الأنساب : ٢٥ ، ٤٧ ، وصحيح الأخبار : ١ / ٧ و ١١٢ ، وآداب اللغة : ١ / ١٠٥ ، والشعر والشعراء : ٤٤ ، والأعلام ٣ / ٥٢.
(٤) البيت لزهير بن أبي سلمى : ينظر في ديوانه (١٠٧) ، والدرر : ٥ / ٢٤٤ ، وشرح شواهد المغني : ١ / ٣٨٤ ، ولسان العرب : ١٢ / ٢٢٨ (رجم) ، وشرح قطر الندى : ص ٢٦٢ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٩٢ ، والخزانة : ٣ / ١١ ، والدر المصون : ١ / ٤٩.
(٥) الحسين بن محمد بن المفضل : أبو القاسم الأصفهاني المعروف بالراغب : أديب من الحكماء العلماء ، من أهل «أصبهان» سكن «بغداد» ، واشتهر حتى كان يقرن بالإمام الغزالي ، من كتبه : «محاضرات الأدباء» و «الأخلاق» ويسمى : «أخلاق الراغب» ، و «جامع التفاسير» ، و «المفردات في غريب القرآن» ، أخذ عنه البيضاوي في تفسيره. توفي سنة ٥٠٢ ه ـ ١١٠٨ م.
ينظر الأعلام : ٢ / ٢٥٥ ، وروضات الجنات : ٢٤٩ ، وكشف الظنون : ١ / ٣٦.
(٦) في أ : لكلام.