(إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) فهو الحقيقة الحاسمة التي لا مجال للريب فيها ، (ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) لأنه منطلق من إرادة الله التي لا يمكن لأحد أن يقف أمامها ، مهما كانت قوته ، وذلك في يوم القيامة ، حيث يجتمع الناس في ظروف مثيرة ضاغطة لا يملكون أمامها التماسك ، (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) فتضطرب وتهتز ويختلّ التوازن في كواكبها ، (وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) فتزول عن أماكنها ، وبذلك يقع الزلزال الذي تنتهي به الحياة الطبيعية على الأرض ، ليستعدّ الناس للوضع الجديد الذي ينطلقون فيه سراعا إلى يوم القيامة.
(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) باليوم الآخر والرسالة والرسول ، لأنهم لم يقفوا من الرسالة ومضمونها الفكري بطريقة جدّية تتناسب مع حجم أهميتها على مستوى المصير ، بل وقفوا منها موقفا لاهيا ، (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) فهم يخوضون في الأحاديث المطروحة في ساحة الصراع بين الرسالة وخصومها ، تماما كما لو كانت حركة لاعبة لاهية ، في ما يخوض فيه الخائضون من إثارة الضجيج وتبادل الصراخ ، لينتهي كل شي بعد ذلك إلى الفراغ الذي لا يحمل معه الإنسان أيّ شيء. وتلك هي المشكلة التي يعانيها الرسل في مجتمعاتهم عند ما يعملون بكل الوسائل المتاحة لديهم على إخراجها من أجواء اللعب إلى أجواء الجدّية المسؤولة التي تتابع الواقع الجديد باهتمام وتفكير ليواجهوا الخوف الحقيقي من المصير الأخروي.
(يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) أي يدفعون إليها بعنف. وينطلق النداء ليؤكد لهم حقيقة العذاب (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) عند ما كان الرسل يحذّرونكم منها ، فتسخرون وتعبثون ، وتتساءلون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ، فما ذا ترون الآن؟! وهل تتذكرون كلماتكم اللّامسؤولة التي واجهتم بها الرسول؟! (أَفَسِحْرٌ هذا) كما كنتم تتهمونه بالسحر في دعوته ، (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) هذه الحقيقة المتجسدة في هذا اللهب الذي يعلو في الفضاء ، وهذا الحريق الذي يتحرك في الأرض؟
(اصْلَوْها) وتحمّلوا المعاناة في حرارة النار التي تحرق أجسادكم ، فهذا