هو عن النفاذ من أقطار السموات والأرض ، مضافا إلى أنّ الآيات التي تتحدث عن استراق الشياطين ، الذين هم من الجن ، للسمع على حدود السماء ، تعني اختراق الجن للأرض ؛ والله العالم.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) في ما ترونه من قدرته الشاملة ، وعجزكم المطلق أمامه؟! (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ) ربما كان في الآية إيحاء بأهوال الساعة وآلامها التي تثير مثل هذه الأجواء اللاهبة التي تنتظر المجرمين ، فلا يستطيع أحد الانتصار لنفسه ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) في ما تواجهونه من هذه الأهوال التي يرسلها الله في جوّ القيامة؟
(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) بحيث سارت نحو الذوبان بما يذوب فيها من كواكب كما يذوب الدهن على النار ويصبح لون هذا السائل أحمر كالورد ، وهذا الوصف وارد على سبيل الكناية في خراب الكون ودماره. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) عند ما تواجهان هذا التغيير الهائل الذي تتشقق فيه السماء حتى تتحوَّل إلى حالة من الذوبان السائل ، بما يوحيه ذلك من عظمة القدرة؟
(فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) لأن المسألة لا تحمل أيّ غموض في ما قام به هؤلاء في مواقع المسؤولية من كفر وجريمة وانحراف عن الخط المستقيم ، فهناك وضوح كامل لسوء العمل من خلال الوجوه السوداء التي تأخذ من الأعمال السوداء لونها الأسود ، فلا مجال للإنكار ولا للتكذيب ، ولا ضرورة للسؤال ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
أمَّا الموقف الحاسم ف (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) في ما تتركه الجريمة من سمة مميّزة لا تترك مجالا لأي ريب ، (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) حيث تجمع الأقدام إلى الجباه ، في حالة من الإذلال النفسيّ الذي يتعرّضون له جزاء حالة الاستكبار والغرور التي كانت تدفعهم إلى الكفر والتمرد وتكذيب رسل الله في الدنيا ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) في ما يتمثل فيها من قدرة الله على السيطرة على المجرمين في الدار الآخرة؟!