زالت هذه النتائج ، واستبدل بها نتائج طيبة ، ولم يبق منها إلا النشوة الهادئة التي تفرح القلب ، وتسعد الروح ، فلا مشكلة في شربها ، كما هو الحال في خمر الجنة التي ليس فيها شيء ممّا يضرّ الإنسان ويؤذيه.
(وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ) تبعا لما يختارونه منها ممّا يتوافق مع مشتهياتهم ، (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) في ما يريدون من الغذاء القوي الذي يبني الجسم ، (وَحُورٌ عِينٌ* كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) أي اللؤلؤ المصون المخزون في الصدف الذي لم تمسّه الأيدي ، بما يوحيه ذلك من صفاء وإشراق فيه ، (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) فليس ذلك مجرد عطيَّة سببها كرم الله دون مناسبة ، بل هو جزاء على آمالهم الصالحة المنطلقة من روحية الإيمان بالله.
(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً) فلا يخاطب أحد صاحبه بما لا فائدة فيه من القول ، لأنهم لا يعيشون حالة فراغ روحيّ تستثير اللّغو ، بل يعيشون حالة امتلاء روحيّ بالله وبكل المعاني التي تقرب منه ، مما يجعل كلامهم غنيّا بالمعاني النافعة لكل ما حول الإنسان ومن حوله.
وإذا كانوا لا يتخاطبون باللّغو من القول ، ولا يتحدّثون بالكلام الآثم الذي يتضمن الكذب والفحش والخيانة والنميمة ونحوها مما يخوض الناس فيه أو يسمعونه في الدنيا بعيدا عن الأخلاق الإسلامية ... فكيف يفعلون ذلك في الجنة وهي دار المتقين الذين عاشوا روحية الطاعة لله في أقوالهم وأفعالهم؟!
(إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً) فهذا هو الكلام الذي يسمعونه في الجنة التي هي دار السلام ، مما يجعل السلام في كل معاني الروح والصفاء والنقاء في العقل والقلب والروح والواقع ، هو الطابع الذي يطبع حياة أهل الجنة في علاقاتهم الأخوية ، فهم يسمعونه من الله الذي ينزل عليهمالسلام ليوحي لهم بسلام رضوانه ولطفه ورحمته ، ويسمعونه من الملائكة الذين يتحدثون معهم بالسلام في إيحاء بالجوّ الجديد الذي يستقبلونه في الجنة ، ويتخاطبون به فيما بينهم في نطاق التحية والعلاقة والممارسة ، لأنهم لا يحملون في قلوبهم أيّ معنى من