يعتقده كثير من المبطلين ، أو فعل للجدّ والدولة ، فكأنّما نحصى وجود دخول الشبهات عليهم في هذا الباب حتّى نذكرها ، وإنّما ذكرنا ما سنح منها.
وإذا قلبنا السؤال على السائل عنه فقلنا : إذا كانت العرب علماء لخرق فصاحة القرآن لعاداتهم ، وان أفصح كلامهم لا يقاربه ، وأيّ شبهة بقيت عليهم في أنه من يفعل الله تعالى صدّق نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
فإذا قالوا : قد يتطرق عليهم في هذا العلم شبهات كثيرة ؛ لأنهم يجب أن يعلموا أن الله تعالى هو الخارق لهذه العادة بفصاحة القرآن ، وأن وجه خرقه لها تصديق الدعوة للنبوّة ، وفي هذا من الاعتراض ما لا يحصى.
قلنا : أجيبوا نفوسكم عن سؤالكم بمثل هذا فهو كاف.
فإن قيل : إن كان الصرف هو المعجز فألا جعل القرآن من أرك كلامه وأبعده من الفصاحة ليكون الصرف عن معارضته أبهر؟
قلنا : لا بدّ من مراعاة المصلحة في هذا الباب ، فربّما ما كان ما هو أظهر دلالة ، وأقوى في باب الحجّة من غيره ، وأصلح منه في باب الدين ، فما المنكر من أن يكون إنزال القرآن على هذا الرتبة من الفصاحة أصلح في باب الدين ، وإن كان لو قلّلت فصاحته مع الصرف عنه لكان الأمر فيه أظهر وأبهر.
ونقلّب هذا السؤال على السائل عنه ، فيقال له : الله تعالى قادر على ما هو أفصح من القرآن عندنا كلنا ، فألا فعل ذلك الأفصح ليظهر مباينة القرآن لكلّ فصيح من كلام العرب ، وتزول الشبهة عن كلّ أحد في أن القرآن يساوى ويقارب؟ فلا بدّ من ذكر المصلحة الّتي ذكرناها ، فإن ارتكب بعض من لا يحصّل أمره أن القرآن قد بلغ أقصى ما في المقدور من الفصاحة ، فلا يوصف تعالى بالقدرة على ما هو أفصح منه.
قلنا : هذا غلط فاحش ؛ لأن الغايات الّتي ينتهي الكلام الفصيح إليها غير
__________________
(١) كذا في المطبوعة.