حملك على السرقة؟ قال : قضاء الله وقدره. قال : كذبت يا لكع أيقضي عليك أن تسرق ثمّ يقضي عليك أن تصلب؟
وروي أنّ ابن سيرين سمع رجلا وهو يسأل عن رجل آخر فقال : ما فعل فلان؟ فقال : هو كما شاء الله. فقال ابن سيرين : لا تقل كما شاء الله ولكن قل هو كما يعلم الله ، ولو كان كما شاء الله كان رجلا صالحا.
وما أشبه هذا أكثر من أن يحصى ، ولو لم يكن ورد عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من الآثار ما نعلم به بطلان مذهب القدرية والجبرية إلّا الخبر المشهور الذي تلقته الأمّة بالقبول ، وهو ما رواه شداد بن أوس قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : من قال حين يصبح أو حين يمسي : «اللهم أنت ربي لا إله إلّا أنت ، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شرّ ما صنعت وأقرّ لك بالنعمة وأقرّ على نفسي بالذنب ، فاغفر لي ؛ فإنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت».
وقال ابن سيرين لرجل له مملوك : لا تكلّفه ما لا يستطيع ، فان كرهته فبعه.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم».
وروي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لفاطمة عليهاالسلام حين أخدمها غلاما : «لا تكلفيه ما لا يطيق».
وروي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «استغفروا عن الشرك ما استطعتم» ، وهذه الاخبار ممّا يستدلّ بها على بطلان قولهم في الاستطاعة وتصحيح قولنا : إنّ الانسان مستطيع ، وأن الله لا يكلّف عباده ما لا يطيقون ، وإنّما أوردناها لتكون رسالتنا هذه غير محتاجة إلى غيرها في هذا المعنى.
ومن ذلك أيضا ما روي عن بنت رقيقة (١) قالت : بايعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في نسوة فأخذ علينا ما في آية السرقة والزنا (وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ) (٢) ـ الخ ، ثمّ قال : فيما استطعتن وأطقتن. قالت : قلنا الله ورسوله ارحم بنا من أنفسنا.
__________________
(١) كذا في نسخة ، وفي أخرى «بنت رفيعة» وهو وهم ، وهى اميمة بنت رقيقة واسم أبيها عبد بن بجار بن عمير ، كانت من المبايعات (اسد الغابة : ٥ / ٤٠٣).
(٢) سورة الممتحنة ، الآية : ١٢.