ذكرناه من حالهم دليلا على صدقهم ، ودافعا للإشكال في خبرهم ، وإن لم يكونوا من الكثرة على ما قدمناه (١).
٣ ـ فأما خبر الواحد القاطع للعذر ، فهو الّذي يقترن إليه دليل يفضي بالناظر فيه إلى العلم بصحّة مخبره ، وربّما كان الدليل حجّة من عقل ، وربّما كان شاهدا من عرف ، وربّما كان إجماعا بغير خلف فمتى خلا خبر الواحد من دلالة يقطع بها على صحّة مخبره ، فإنّه كما قدمناه ليس بحجّة ، ولا موجب علما ولا عملا على كلّ وجه» (٢).
نقول : روايات الشيعة الّتي وردت في الأصول المعتبرة إمّا أن تصنّف من القسم الأوّل أو الثاني. ويرى السيّد المرتضى بأن روايات الشيعة الّتي يستندون إليها في الفقه متواترة ، يقول هو في جوابات المسائل التبانيات :
«فإن قيل : فاذكروا على كلّ حال الوجه في إيداع أخبار الآحاد الكتب المصنفة في الفقه ، لتزول الشبهة في أن إيداعها الكتب على سبيل الاحتجاج بها.
قلنا : أوّل ما نقوله في هذا الباب انه ليس كلّ ما رواه أصحابنا من الأخبار وأودعوه في كتبهم وإن كان مستندا إلى رواة معدودين من الآحاد ، معدودا في الحكم من أخبار الآحاد ، بل أكثر هذه الأخبار متواتر موجب للعلم» (٣).
وأمّا الأخبار الّتي لا تتّصف بالصفة المذكورة فهي مصداق للخبر الواحد. ولها حالتان كما يفهم من عبارة الشيخ المفيد :
١ ـ أن يكون مضمونها مصحوبا بقرينة بحيث يجعلنا نقطع بصحّة ذلك المضمون بحيث يكون قاطعا للعذر ، فمن الطبيعي أنّ هذا لا يعني صحّة مصدرها أو وثاقة الرواة ولا يخرجها عن كونها خبرا واحدا.
__________________
(١) ينبغي الانتباه إلى أن المراد من هذا القسم من الخبر ليس الخبر المستفيض ؛ لأنّ الخبر المستفيض يعد من أقسام الخبر الواحد ، بل هو قسم من الخبر المتواتر الّذي يكون آحاده أقلّ نسبة من حيث نوع الخبر المتواتر والّذي لا يمكن تصنيف رواته عادة بأنّهم لا يمكن أن يتّفقوا على الكذب لكنّنا نعلم من خلال القرائن أيضا بعدم وجود اتّفاق سرّي بينهم حول ذلك.
(٢) التذكرة باصول الفقه : ٤٤ و ٤٥.
(٣) الرسائل ، ١ : ٢٦.