١ ـ جمع ما وصلهم من أخبار عن طريق النقل.
٢ ـ جمع ما كانوا يرونه صحيحا في مقام الإفتاء أو الإستناد في الأمور العقائدية.
إنّ من الواضح أن عبارة «أصحاب الحديث من أصحابنا» إنّما تطلق على المؤلّفين من النوع الأوّل (١).
فتحصل ممّا قدمنا أن المراد من الخبر الواحد عند المدرسة البغدادية هو العاري عن القرائن أمّا إذا اقترن به ما يوجب الاعتماد عليه فهذا وإن كان يعد واحدا إلّا انه يمكن الاستناد إليه في الاستدلال الفقهي ؛ لأنّ العبرة هنا بالقرائن.
والملاحظة النهائية لهذا البحث هي أنّ المنهجيّة الحديثيّة كانت قد وصلت بغداد بعد ان اجتازت مراحل التصفية في مدارس الكوفة وقم والري لتنقّى بشكل نهائي على يد كبار علماء الفقه والكلام في مدينة بغداد (٢). ويعمد إلى إبعاد الكتب الّتي لا يمكن اعتمادها عن مجال الاستدلال والبحث ويكتفي بالاستناد إلى الكتب المعتبرة والروايات المشهورة.
٦ ـ إنّ تفاهة القياس لدى المدرسة الشيعية من الشهرة والمعروفية ما يجعله لا يحتاج إلى بيان وتوضيح ، والتحقيق في هذه المسألة يتّضح من خلال مراجعة المصادر الشيعية المفصّلة في علم الأصول (٣).
__________________
(١) أن ما قيل حول مدرسة بغداد يرجع إلى قبل عهد الشيخ أبي جعفر الطوسي شيخ الطائفة ؛ لأنّه خالف الرأي المذكور وادعى أنّ الفرقة المحقّة أجمعت على حجّيّة الخبر الواحد (عدّة الأصول : ١٢٦ و ١٢٧) فاستنادا لهذا المبنى أسّس مدرسة الجمع عند تعارض الأخبار وبذلك فتح فصلا جديدا في المنهج الفكري للإمامية. فقد كان هذا يمثل أوّل طوفان حدث في الفقه الإمامي على ما ذكره فقيه أهل البيت آية الله المددي دام ظلّه.
(٢) يقول السيّد المرتضى في بيان عظمة هؤلاء الأكابر : «متكلّمي طائفتنا ومحقّقي علمائنا ، ومنهم من يشقّ الشعر ويغلق الحجر تدقيقا وغوصا على المعاني».
(٣) يقول السيّد المرتضى في القياس : «والّذي يذهب إليه أنّ القياس محظور في الشريعة استعماله ؛ لأنّ العبادة لم ترد به ، وإن كان العقل مجوّزا ورود العبادة باستعماله» الذريعة ، ٢ : ٦٧٥.