وجهة نظر المعتزلة الّتي بنيت بشكل خاطي على القبول بهذه النظريّة.
وكان السيّد المرتضى الّذي كتب أكثر رسائله وكتبه بمنهجية الدفاع عن المذهب الحق ـ لا يتمسّك في كتاباته بروايات أهل البيت عليهمالسلام إلّا في موارد قليلة. يقول «أصحابنا إنّما جرت عادتهم بأن يحتجّوا على مخالفهم في مسائل الخلاف الّتي بينهم ، إما بظواهر الكتاب والسنّة المقطوع بها ، أو على سبيل المناقضة لهم والاستظهار عليهم ، بأن يذكروا أن أخبارهم الّتي رووها ـ أعني مخالفيهم ـ وأقيستهم الّتي يعتمدونها تشهد عليهم على الطريقة الّتي بينتها وأوضحتها في كتاب (مسائل الخلاف). فأمّا أن يحتجوا عليهم بخبر واحد ترويه الشيعة الإمامية متفرّدة به ولا يعرفه مخالفوها ، فهذا عبث ولغو لا يفعله أحد ولا يعاطي مثله» (١).
فهذا الكلام ورغم كونه في الخبر الواحد. إلّا أنّ العلّة معمّمة.
أهمّ نتائج هذا الفصل :
١ ـ لقد مثل عصر السيّد المرتضى الانفتاح السياسي والاجتماعي للشيعة ، وكان من معاليل هذا الوضع النتاج التبليغي والعاطفي للحكم السياسي للشيعة وحصيلة العمل العلمي والثقافي للقادة الفكريين للشيعة.
٢ ـ كانت بغداد في تلك الحقبة مركزا علميّا للشيعة ، فقد انتقل التراث العلمي للشيعة بأكمله إلى هذه المدينة ، هذا في حين كان علماء هذه المدينة يعيشون مواجهة مباشرة مع علماء المذاهب الأخرى.
٣ ـ إنّ الخصوصيّات أعلاه أدت إلى ان تتّخذ هذه المدرسة العظيمة منحيين دفاعي وإصلاحي.
٤ ـ من الخصائص الرئيسية لهذا المدرسة ترسيخ مبدأ الاستدلال بالمصادر العمليّة والاجتناب عن المصادر الظنّيّة وغير المعتبرة.
__________________
(١) الرسائل ، ١ : ١١٣.