قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير الشريف المرتضى [ ج ١ ]

تفسير الشريف المرتضى

تفسير الشريف المرتضى [ ج ١ ]

الموضوع :القرآن وعلومه

الناشر :شركة الأعلمي للمطبوعات

الصفحات :583

تحمیل

تفسير الشريف المرتضى [ ج ١ ]

71/583
*

فالمرتضى ـ هنا ـ يجمع بين القرائن المتّصلة الّتي تحيط بالنص ، والقرائن المنفصلة ، أي إنّه يفسر النصّ القرآني بآيات أخر ، قد تكون متّصلة بها ، اما متقدّمة عليها أو متأخّرة عنها ، وقد تكون منفصلة عنها ، وهي في السورة نفسه ، وقد تكون في سورة أخرى ، وهذا يعني أنّه يرى للقرآن وحدة معنوية شاملة ، وليس من الضروري أن يكون النصّ الّذي يحتاج إليه السياق المفسّر مجاورا لتلك الآية الّتي تضمّ السياق المفسّر ، فالقرآن يشهد بعضه على بعض ويفسر بعضه بعضا ، وإن تباعدت سورة وأجزاؤه. وفي مثل هذه المواضع يتّضح جهد المفسّر الدلالي أكثر من غيرها ، لأنّه حين يرد آية إلى آية ليفسّرها بها ، «فأنّما يقوم بعملية ذهنية ذاتية واضحة تتطلب قبل كلّ شيء تتبعا للنصوص القرآن في الذهن ... كما تتطلب مهارة وفهما» (١).

ويتّضح مثل هذا التفسير الدلالي الموازن عند المرتضى في بيانه لدلالة قوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (٢) ، فقد ذكر قولا لقطرب ، وهو أنّ في الكلام قلبا ، والمعنى : خلق العجل من الإنسان ، لكنّه رفض هذا الرأي «لأن العجلة فعل من أفعال الإنسان ، فكيف تكون مخلوقة فيه لغيره! ولو كان كذلك لما جاز أن ينهاهم عن الاستعجال في الآية ، فيقول : (سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ)، لأنّه لا ينهاهم عمّا خلقه فيهم» (٣). وذكر قولا آخر يرجحه ، وهو أن يكون معنى القول المبالغة في وصف الإنسان بكثرة العجلة ، «وأنه شديد الاستعجال لما يؤثّره من الأمور ... ولهم في ذلك عادة في استعمال مثل هذه اللفظة عند المبالغة ، كقولهم لمن يصفونه بكثرة النوم : ما خلقت إلّا من نوم ... قالت الخنساء تصف بقرة (٤) :

ترتع ما غفلت حتّى إذا ادّكرت

فإنّما هي إقبال وإدبار

__________________

(١) تفسير القرآن بالقرآن : ٢٨٥ ـ ٢٨٦.

(٢) سورة الأنبياء ، الآية : ٣٧.

(٣) أمالي المرتضى ، ١ ـ ٤٦٦ : ٤٦٨.

(٤) ديوانها : ٥٠ ، والرواية فيه :

ترتع ما غفلت حتّى إذا ادّكرت

فإنما هي إقبال وإدبار