ذلك ، لأنه لا يجوز عندنا تقديم الزكاة إلا على جهة القرض ، ويكون صاحبه ضامنا له متى جاء وقت الزكاة وقد أيسر المعطى ، وإن لم يكن أيسر فقد أجزأ عنه ، وإذا كان التقديم على هذا الوجه فلا فرق بين أن يكون شهرا أو شهرين أو ما زاد على ذلك ، والذي يدل على هذه الجملة ما رواه محمد بن علي بن محبوب عن أحمد عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن الأحول (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام « في رجل عجل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة فقال : يعيد المعطى الزكاة » وروى هذا الحديث محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن الأحول عن أبي عبد الله عليهالسلام مثله » وقال في الثاني : « الوجه في الجمع بين هذه الأخبار أن يحمل جواز تقديم الزكاة قبل حلول وقتها على أن يجعلها قرضا على المعطى ، فإذا جاء وقت الزكاة وهو على الحد الذي يحل له الزكاة وصاحبها على الحد الذي يجب عليه الزكاة احتسب به منها ، وإن تغير أحدهما عن صفته لم يحتسب بذلك ، ولو كان التقديم جائزا على كل حال لما وجب عليه الإعادة إذا أيسر المعطى عند حلول الوقت ـ قال ـ : والذي يدل على ذلك ما رواه محمد بن علي ابن محبوب » إلى آخر ما في التهذيب.
وأورد عليه في المعتبر بأن ما ذكره شاهدا على الجمع لا دلالة فيه ، إذ يمكن القول بجواز التعجيل مع ما ذكره ، مع أن الرواية تضمنت أن المعجل زكاة ، فتنزيله على القرض تحكم ، وكأن الأقرب ما ذكره المفيد من تنزيل الرواية على ظاهرها في الجواز فيكون فيه روايتان ، وفيه ـ بعد الإغضاء عما حكاه عن المفيد كما لا يخفى على من لاحظ المقنعة ـ أن عبارة التهذيب ليست نصا في الاستدلال بها على ما ذكره من التأويل ، إذ من المحتمل كون المراد من هذه الجملة في كلامه ما ذكره « ويكون صاحبه ضامنا » إلى آخره
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ١.