ولأنه لو لم يجز المالك ذلك لما أخذها ولأخذها ثانيا وثالثا حتى ينفد ماله ، لأن أخذها إن كان لاجزائها لم يحصل بدون النية ، وإن كان لوجوبها فهو باق بعد أخذها ، ولأنه لا يدفع إلى السلطان إلا الفرض ، وهو لا يفرق على أهل السهمين إلا الفرض ، فأغنت هذه القرينة عن النية ، ولأن الإمام عليهالسلام كالوكيل ، وهذه عبادة يصح فيها النيابة ، فاعتبرت نية النائب كالحج.
والجميع كما ترى ، ضرورة منع الولاية في مثل الفرض ، وأن الأولوية بالمؤمن من النفس لا تقتضي النيابة عنه فيما هو متعبد به ، فلا امتناع منه ، وفرق واضح بين الممتنع الذي يسقط اعتبار نيته وبين غيره ، لكونه وليا حينئذ عنه ، مع أنه ربما احتمل عدم الاجزاء للمالك باطنا ، لأنه لم ينو ، وهو متعبد بأن يتقرب ، وإنما أخذت منه مع عدم الإجزاء حراسة للعلم الظاهر ، كما يجبر المكلف على الصلاة ليأتي بصورتها وإن كان لم تجزه عند الله لعدم النية ، وإن كان يدفعه أن الزكاة مال متعين للفقراء في يد المالك ، وللإمام عليهالسلام الإجبار على قسمة المشترك وعلى تسليمها ، فجاز له إفرادها عند امتناع المالك ، والنيابة في تسليمها جائزة ، وليست كذلك الصلاة ، كما هو واضح ، وكون الامام عليهالسلام كالقاسم لا يخرج الزكاة عن العبادة المقتضية لوجوب النية من المتعبد ، وبذلك افترقت عن القسمة التي لا يعتبر فيها النية ، على أن البحث في إجزاء نية الإمام عليهالسلام والساعي لا الاجزاء بلا نية كما هو مقتضى هذا الاستدلال ، وهي في يد الامام عليهالسلام أمانة في الفرض لا يجوز له تسليمها ، لكونها حينئذ مال المالك ، ولم يتشخص كونها زكاة حتى من حيث العزل ، ضرورة اعتبار النية فيه أيضا ، وبذلك سقط الاستدلال بأنه لو لم يجز المالك إلى آخره ، بل هو عند التأمل لا يرجع إلى حاصل ينفع في المقام ، بل كأنه خارج عن محل البحث ، كما أن الأخير مصادرة واضحة فالأحوط إن لم يكن الأقوى اعتبار النية من المالك ، وأن تسليمه إلى الامام عليهالسلام