أمر جديد ، بل قد سمعت ما تقدم من النصوص (١) الدالة على كونها صدقة بعد الوقت ، وقوله عليهالسلام في صحيح زرارة (٢) : « وإلا فهو ضامن لها حتى يؤديها » إنما يدل على وجوب الإخراج مع العزل ، وهو غير محل النزاع ، وفي المدارك « الظاهر أن المراد بإخراجها من ضمانه تسليمها إلى المستحق ، وبقوله : « وإلا » إلى آخره الخطاب بإخراجها وإيصالها إلى مستحقها ، لا كونه بحيث يضمن مثلها أو قيمتها مع التلف لأنها بعد العزل تصير أمانة في يد المالك » ثم احتمل أن يكون الضمير في « أخرجها » عائد إلى مطلق الزكاة ، ويكون المراد بإخراجها من ضمانه عزلها ، والمراد أنه إن عزلها فقد بريء ، وإلا فهو مكلف بأدائها إلى من يوصلها إلى أربابها ، وقال : « لا ريب أن المعنى الأول أقرب » قلت : بل لعله غير دال على خلاف المطلوب على الثاني ، ضرورة كون المراد منه بقاء الخطاب عليه في الوقت مع عدم العزل لا بقاؤه مطلقا.
وبذلك كله يظهر لك ضعف القولين ، خصوصا قول ابن إدريس الذي مرجعه إلى عدم التوقيت أصلا ، وإلى حمل جميع ما دل عليه من النصوص السابقة على الفضل والندب وأن زكاة الفطرة كزكاة المال والخمس في امتداد الوقت وصلاحيته للفعل ، إذ هو كما ترى ، بل يمكن تحصيل الإجماع على خلافه ، بل عن بعضهم دعواه عليه ، نعم قد يقال : إن تلك النصوص لا صراحة فيها في التوقيت على وجه ينتفي التكليف بانتفائه ، بل أقصاها الوجوب فيه ، فيمكن حينئذ كونه تكليفا آخر زائدا على أصل وجوب الفطرة الذي دل عليه إطلاق كثير من النصوص ومعاقد الإجماعات مؤيدا ذلك بثبوت أحكام غير الموقت لها ، كما لو مات من وجبت عليه قبل التمكن من أدائها
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب زكاة الفطرة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب زكاة الفطرة ـ الحديث ٢.