وكان رسول الله من المتّقين ولم يك (١) فيما يوصى به النّاس شيء (٢) أعظم حظّا فى الاسلام من الوصيّة فى الخلافة الّتي بها تحقن الدّماء وبها تنفذ الأحكام وتقام الحدود ويجبى الفيء ويجاهد العدوّ وتقسم الصّدقات بين من سمّاه [ الله ] وتقسم المواريث على من أمر الله فى كتابه ويقرع الظّالم وينصف المظلوم والله عزّ وجلّ يقول : ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٣).
فتركتم كتاب الله وراء ظهوركم وأخذتم بروايتكم الكاذبة فزعمتم أن النّبيّ ترك الحقّ الّذي افترضه (٤) الله عليه وعلى جميع المتّقين ثمّ تزعمون وتنسبون الشّيعة الى أنّهم يقعون فى أصحاب رسول الله ويطعنون عليهم ولو كنتم صادقين لكانت الشّيعة أحسن قولا وأقلّ اثما منكم بزعمكم لأنّكم تطعنون على رسول الله وليس الطّعن على رسول الله كالطّعن على الصّحابة لأنّه ـ صلىاللهعليهوآله ـ بيّن لأمّته ذلك فقال : من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار (٥).
__________________
(١) حذف النون من المضارع لكان عند كونه منجزما جائز بالاتفاق ؛ قال ابن مالك فى ألفيته :
« ومن مضارع لكان منجزم |
|
تحذف نون وهو حذف ما التزم ». |
(٢) فى الاصل : « شيئا ».
(٣) آيتا ١٨١ و ١٨٢ سورة البقرة.
(٤) فى الاصل : « أفرضه » قال الجوهرى : « وفرض الله علينا كذا وافترضه اى أوجب ، والاسم الفريضة » وفى القاموس : « وافترض الله أوجب » وشرحه الزبيدى بقوله : « كفرض والاسم الفريضة وهذا أمر مفترض عليهم كفرض ومفروض ».
(٥) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه : من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ؛ قد تكررت هذه اللفظة فى الحديث ومعناها فلينزل منزله من النار يقال : بوأه الله منزلا أى أسكنه اياه وتبوأت منزلا اى اتخذته » وقال الطريحى فى مجمع البحرين