يخالفون الله ورسوله ويزعمون أنّهم لا يقبلون توبة ممّن تاب والله يقول : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ ) (١) فى آيات كثيرة فى كتاب الله يخبر عباده أنّه يقبل توبتهم اذا تابوا من الشّرك ومن الذّنوب.
وقد قبل عليّ بن أبى طالب ـ عليهالسلام ـ توبة الخوارج يوم خرجوا عليه بحر وراء (٢) ورئيسهم يومئذ ابن الكوّاء فلمّا كلّمهم وحاجّهم رجعوا وتابوا ؛ فقبل منهم. ثمّ قد رويتم عنه ـ صلوات الله عليه ـ أنّه كان يخطب النّاس على منبر الكوفة فحكمت عليه الخوارج من نواحى المسجد يقولون : لا حكم الاّ لله ؛ فقطع خطبته ثمّ أقبل عليهم فقال : حكم الله أنتظر فيكم كلمة حقّ يلتمس بها باطل (٣) أما انّ لكم عندنا يا معشر (٤) الخوارج ثلاثا لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ، ولن نقاتلكم حتّى تبدءونا ، ثمّ خرجوا عليه يوم النّهروان فخرج إليهم فحاجّهم فرجع منهم أقوام وتابوا ؛ فقبل توبتهم وكفّ عنهم ، وأبى الآخرون أن يتوبوا ؛ فقاتلوه ؛ فقتلهم أجمعين الاّ نفرا منهم يسيرا أصابهم جراحات فأتوه فتابوا ؛ فقبل منهم وخلّى سبيلهم.
فزعمتم فى روايتكم عن الحسن بن الحسن أنّه قال : إن أظفرنى (٥) الله بمن يخالفنى
__________________
(١) آية ٢٥ سورة الشورى.
(٢) قال ياقوت فى معجم البلدان : « حروراء بفتحتين وسكون الواو وراء أخرى والف ممدودة قرية بظاهر الكوفة وقيل : موضع على ميلين منها نزل به الخوارج الذين خالفوا على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ فنسبوا إليها. وقال ابن الانبارى : حروراء كورة. وقال أبو منصور : الحرورية منسوبة الى موضع بظاهر الكوفة نسبت إليه الحرورية من الخوارج وبها كان أول تحكيمهم واجتماعهم حين خالفوا عليه قال : ورأيت بالدهناء رملة وعثة يقال لها : رملة حروراء ».
(٣) كذا فى النسخ منكرا.
(٤) ح : « يا معاشر ».
(٥) مج : « ان ظفرنى ».