الزّنج لاستكثرت بهم علينا قلّة وذلّة فأقبل معاوية على أخيه مروان بن الحكم وقال : أخرج عنّا هذا الخليع فقال مروان : والله انّه لخليع ما يطاق قال معاوية : والله لو لا حلمى وتجاوزى لعلمت أنّه يطاق ألم يبلغنى شعره فىّ وفى زياد ثمّ قال لمروان أسمعنيه فقال :
ألا أبلغ معاوية بن صخر |
|
لقد ضاقت بما يأتى اليدان |
أتغضب أن يقال أبوك عفّ |
|
وترضى أن يقال أبوك زان |
وقد تقدّم ذكر بقيّه هذه الأبيات منسوبة الى يزيد بن مفرّغ وفيها خلاف هل هى ليزيد بن مفرّغ أم لعبد الرّحمن بن الحكم فمن رواها لابن مفرّغ روى البيت الاوّل على تلك الصّورة ، ومن رواها لعبد الرّحمن رواها على هذه الصورة.
ولمّا استلحق معاوية زيادا وقرّبه وأحسن إليه وولاّه صار من أكبر الأعوان على بنى عليّ بن أبى طالب رضى الله عنه حتّى قيل : انّه لمّا كان أمير العراقين طلب رجلا يعرف بابن سرح من أصحاب الحسن بن عليّ بن أبى طالب رضى الله عنه وكان فى الأمان الّذي كتب لأصحاب الحسن رضى الله عنه لمّا نزل عن الخلافة لمعاوية فكتب الحسن الى زياد : من الحسن الى زياد ؛ أمّا بعد فقد علمت ما كنّا أخذنا لأصحابنا من الأمان وقد ذكر لى ابن سرح أنّك عرضت له فأحبّ ان لا تعرض له الاّ بخبر والسّلام فلمّا أتاه الكتاب وقد بدأ فيه بنفسه ولم ينسبه الى أبى سفيان غضب وكتب إليه : من زياد بن أبى سفيان الى الحسن أمّا بعد فانّه أتانى كتابك فى فاسق تأويه الفسّاق من شيعتك وشيعة أبيك وأيم الله لأطلبنّه ولو كان بين جلدك ولحمك وانّ أحبّ النّاس إليّ لحما أن آكله للحم أنت منه ، فلمّا قرأه الحسن رضى الله عنه بعث به الى معاوية فلمّا قرأه غضب وكتب الى زياد : من معاوية بن أبى سفيان الى زياد ؛ أمّا بعد فانّ الحسن بن عليّ بعث إليّ بكتابك إليه جواب كتاب كان كتبه أليك فى ابن سرح فأكثرت التّعجّب منه وقد علمت أنّ لك رأيين رأيا من أبى سفيان ورأيا من سميّة فأمّا رأيك من أبى سفيان فحلم وحزم ، وأمّا رأيك من سميّة فكما يكون رأى مثلها