ومن ذلك كتابك الى الحسن تسبّه وتعرض له بالفسق ولعمرى لأنت أولى بذلك منه فان كان الحسن ابتدأ بنفسه ارتفاعا عنك فانّ ذلك لن يضعك وأمّا تركك تشفيعه فيما شفع فيه أليك فحظّ دفعته عن نفسك الى من هو أولى به منك فاذا أتاك كتابى فخلّ ما بيدك لابن سرح ولا تعرض له فيه فقد كتبت الى الحسن بخبره ان شاء اقام عنده وان شاء رجع الى بلده ، وانّه ليس لك عليه سبيل بيد ولا لسان ، وأمّا كتابك الى الحسن باسمه ولا تنسبه الى أبيه فانّ الحسن ويحك ممّن لا يرمى به الرّجوان أفاستصغرت أباه وهو عليّ بن أبى طالب رضى الله عنه أم الى أمّه وكلته وهى فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذلك أفخر له ان كنت عقلت والسّلام ( قوله : لا يرمى به الرّجوان ) بفتح الرّاء والجيم وهو لفظ مثنّى ومعناه المهالك.
قلت : وقد رويت هذه الحكاية على صورة اخرى وهى :
كان سعيد بن سرح مولى كريز بن حبيب بن عبد شمس من شيعة عليّ بن أبى ـ طالب رضى الله عنه فلمّا قدم زياد بن أبيه الكوفة واليا عليها أضافه وطلبه فأتى المدينة فنزل على الحسن بن عليّ رضى الله عنه فقال له الحسن : ما السّبب الّذي أشخصك وأزعجك؟ فذكر له قصّته وصنيع زياد به فكتب إليه الحسن : أمّا بعد فانّك عمدت الى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم فهدمت عليه داره وأخذت ماله وعياله فاذا أتاك كتابى هذا فابن له داره واردد عليه ماله وعياله فانّى قد أجرته فشفّعنى فيه ، فكتب إليه زياد : من زياد بن أبى سفيان الى الحسن بن فاطمة ؛ امّا بعد فقد أتانى كتابك تبدأ فيه باسمك قبل اسمى وأنت طالب للحاجة وأنا سلطان وأنت سوقة وكتابك إليّ فى فاسق لا يأويه الاّ فاسق مثله وشرّ من ذلك تولّيه أباك وقد آويته اقامة منك على سوء الرّأى ورضى بذلك وأيم الله لا نسبقنى إليه ولو كان بين جلدك ولحمك فانّ أحبّ لحم إليّ أن آكله للحم أنت منه فأسلمه بجريرته الى من هو أولى به منك فان عفوت عنه لم أكن شفعتك وان قتلته لم أقتله الاّ بحبّه أباك ، فلمّا قرأ الحسن رضى الله عنه الكتاب كتب الى معاوية يذكر له حال ابن سرح وكتابه الى زياد