هم رجال ثلاثة خلقوا |
|
فى رحم انثى وكلّهم لأب |
ذا قرشىّ كما يقول وذا |
|
مولى وهذا ابن عمّه عربى |
وهذه الأبيات تحتاج الى زيادة إيضاح فأقول :
قال أهل العلم بالأخبار : انّ الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبى سلمة بن عبد العزّى بن غيرة بن عوف بن قسىّ وهو ثقيف هكذا ساق النّسب ابن الكلبىّ فى كتاب الجمهرة وهو طبيب العرب المشهور ومات فى أوّل الاسلام وليس يصحّ اسلامه وروى أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر سعد بن أبى وقّاص أن يأتى الحارث بن كلدة يستوصفه فى مرض نزل به فدلّ ذلك على أنّه جائز أن يشاور أهل الكفر فى الطّبّ اذا كانوا من أهله وكان ولده الحارث بن الحارث من المؤلّفة قلوبهم وهو معدود فى جملة الصّحابة رضى الله تعالى عنهم ويقال : انّ الحارث بن كلدة كان رجلا عقيما لا يولد له وانّه مات فى خلافة عمر رضى الله عنه ولمّا حاصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الطّائف قال : أيّما عبد تدلّى إليّ فهو حرّ فنزل أبو بكرة رضى الله عنه من الحصن فى بكرة ( قلت : وهى بفتح الباء الموحّدة وسكون الكاف وبعدها راء ثمّ هاء وهى الّتي تكون على البئر وفيها الحبل يستقى به والنّاس يسمّونها بكرة بفتح الكاف وهو غلط الاّ أنّ صاحب كتاب العين حكاها بالفتح أيضا وهى لغة ضعيفة لم يحكها غيره ) قال : فكنّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكرة لذلك وكان يقول : أنا مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأراد أخوه نافع أن يدلّى نفسه فى البكرة أيضا فقال له الحارث بن كلدة : أنت ابنى فأقم ؛ فأقام ونسب الى الحارث ، وكان أبو بكرة قبل أن يحسن اسلامه ينسب الى الحارث أيضا فلمّا حسن اسلامه ترك الانتساب إليه ولمّا هلك الحارث بن كلدة لم يقبض أبو بكرة من ميراثه شيئا تورّعا ، هذا عند من يقول : انّ الحارث أسلم والاّ فهو محروم من الميراث لاختلاف الدّين فلهذا قال ابن مفرّغ الأبيات الثلاثة البائيّة لأنّ زيادا ادّعى أنّه قرشىّ باستلحاق معاوية له ، وأبو بكرة اعترف بولاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ونافع كان يقول : انّه ابن الحارث بن كلدة الثّقفىّ وأمّهم واحدة