ويؤيّد ذلك أنّ السيّد في الناصريات ادّعى الإجماع على أنّ النظر إذا أوجب الإمناء لا يفطر إذا لم يستدعِ الإنزال (١).
والحاصل : أنّه إن فرض إطلاق في كلمات بعضهم فلا بدّ أنّ يحمل على ما لو عمد إلى الإنزال أو فعل ما يعلم بعادته إيجابه له كما تدلّ عليه سائر كلماتهم.
وكذلك الأخبار المطلقة ، مثل رواية أبي بصير (٢) وغيرها (٣) ، فإنّ الظاهر منها ؛ أنّها وردت فيمن لا يثق بنفسه ، وإلا فمن كان ممن يثق بنفسه واتفق أن يدفق بمجرد اللمس في غاية الندرة ، سيّما مع كون نزول المني غالباً مسبوقاً بحالات ومقدّمات يفهم صاحبه النزول ، فتكون هذه الأخبار واردة في المقصّر ، سواء كان من جهة عدم الوثوق أو من جهة الإصرار على الدواعي إلى الإنزال حتّى ينزل.
مع أنّ المتبادر من قولهم عليهالسلام «وضع يده على شيء من جسد امرأته فأدفق ورجل لزق بأهله فأنزل» (٤) مع قطع النظر عن حمل باب الإفعال على التعدية كما هو ظاهرها السببيّة التامّة في نظر العرف والعادة ، لا محض التعقيب.
ولا ريب أنّ الإنزال على غير المعتاد ليس مسبّباً عن اللمس واللزوق ، بل هو إنّما صار سبباً بضميمة عرض للمزاح (٥) أو شيء آخر.
وبالجملة الظاهر من قولنا «إذا صار اللمس سبباً للإنزال يفسد» هو ما يفهم المكلّف أنّه سبب وأتى به ، لا مجرد كونه سبباً في نفس الأمر ، فإنّ الألفاظ وإن كانت أسامي للأُمور النفس الأمريّة ، لكن تتبّع الأخبار وكلام الأخيار يقتضي أنّ المراد منها في التكاليف ما يعلم المكلّف أنّه هو المسمّى ، لا ما كان هو في نفس الأمر ، هذا مع ما سيجيء من الأخبار الدالّة على عدم كراهة التقبيل والملامسة والملاعبة مع الوثوق
__________________
(١) المسائل الناصرية (الجوامع الفقهيّة) : ٢٠٧.
(٢) التهذيب ٤ : ٣٢٠ ح ٩٨١ ، الوسائل ٧ : ٢٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤ ح ٥.
(٣) الوسائل ٧ : ٢٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤.
(٤) التهذيب ٤ : ٣٢٠ ح ٩٨١ ، الوسائل ٧ : ٢٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤ ح ٥.
(٥) في نسخة «ح» : للمزاج.