صحيحاً بدونه ، وصحّته إنّما تكون إذا نوى الكفّ عن المفطرات ، والمفروض أنّ الجاهل لا يمكن منه تحقّق ذلك ؛ لعدم علمه به ، فكيف ينوي الكفّ عنه ، فهو مفطر قبل ذلك الفعل أيضاً ، غاية الأمر عدم العقاب عليه.
ولكن يدفعه : أنّ عدم العلم بالفساد كافٍ على هذا القول ، ولا حاجة إلى اعتبار الصحّة ، مع أنّ الصوم ليس محض نيّة الإمساك عن المفطرات ، بل هي مع الاستدامة عليها ، فالعالم المرتكب أيضاً ليس بصائم.
إلا أن يقال : الغرض من الرواية بيان حكم مباشر الصوم وما يفطره ، لا بيان ماهيّة الصوم ، ومباشرته لا تستلزم تحقّق تمام ماهيّته ، فالمناط حينئذٍ إنّما هو النيّة ، والكلام إنّما يتمّ حينئذٍ في الجاهل ، فانحصر الدفع في منع اعتبار الصحّة ، بل يكفي إطلاق الصوم عليه.
نعم يمكن أنّ يقال : إنّ غاية الأمر ثبوت الضرر للجاهل ، وثبوت الضرر غايته الفساد ، وهو لا يستلزم القضاء مطلقاً ، فيحتاج ثبوته إلى فرض جديد كما هو التحقيق.
هذا كلّه مع أنّ الموثّقة عامّة في نفي القضاء والكفّارة ، فلا ينافي ذلك كون الإفطار من أحكام الوضع أيضاً ، ويقيّد إطلاق الأخبار لو سلّم ظهورها لاعتبار سندها واعتضادها بما دلّ على أنّه لا شيء على الجاهل ، مثل ما ورد في صحيحة عبد الصمد بن بشير : «أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه» (١) وبالأصل والاعتبار.
وأما العالم بوجوب المعرفة ، وأنّ للشرع أحكاماً كثيرة لا بد من تحصيلها ، وخصوصاً في الصوم ، إذا قصّر في التحصيل ، وصار تقصيره سبباً لجهالة كون شيء مفطراً ، فالأظهر فيه الإفساد ، سيّما في الإجماعيات والضروريات ، كالأكل والشرب المعتادين ، بل القضاء والكفّارة أيضاً ، فتشمله الإطلاقات المتقدّمة ، بل الأخبار المستفيضة المعتبرة الواردة في أنّ من تعمّد الإفطار في شهر رمضان يجب عليه الكفّارة
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٧٢ ح ٢٣٩ ، الوسائل ٩ : ١٢٥ أبواب أبواب تروك الإحرام ب ٤٥ ح ٣.