واختلف الأصحاب في قضاء شهر رمضان بعد الزوال ، بعد اتفاقهم ظاهراً على حرمة الإفطار حينئذٍ كما في الخلاف والانتصار والغنية (١) ، وإن كان يظهر من الشيخ في تأويل موثّقة عمّار الجواز (٢) ، وهو في غاية البُعد مع إيجابه الكفّارة ، فالمشهور فيه وجوب الكفّارة ، وفي الكتب الثلاثة ادّعاء الإجماع عليه ، ونسبه في المعتبر إلى علمائنا (٣).
وخالف فيه ابن أبي عقيل بأنه قال : من جامع أو أكل أو شرب في قضاء شهر رمضان أو صوم كفّارة أو نذر فقد أثم وعليه القضاء ولا كفّارة عليه ، وأطلق (٤). والأوّل أقوى.
لنا : رواية بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر عليهالسلام : في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان ، قال : «إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شيء عليه إلا يوماً مكان يوم ، وإن كان أتى أهله بعد الزوال ، فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين ، لكلّ مسكين مد ، فإن لم يقدر عليه صام يوماً مكان يوم ، وصام ثلاثة أيّام كفّارة لما صنع» (٥).
وصحيحة هشام بن سالم قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل وقع على أهله وهو يقضي شهر رمضان ، فقال : «إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شيء عليه ، يصوم يوماً بدل يوم ، وإن فعل بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين ، فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيّام كفّارة لذلك» (٦).
وربّما يقدح في سند الأُولى من جهة الحارث بن محمّد (٧) ، ولا وجه له ؛ لأنّ
__________________
(١) الخلاف ٢ : ٢٢١ مسألة ٨٦ ، الانتصار : ٦٩ ، الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧٢.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٨٠ ذ. ح ٨٤٧.
(٣) المعتبر ٢ : ٧٠٤.
(٤) نقله عنه في المختلف ٣ : ٤٥٣.
(٥) الكافي ٤ : ١٢٢ ح ٥ ، الفقيه ٢ : ٩٦ ح ٤٣٠ ، الوسائل ٧ : ٨ أبواب وجوب الصوم ونيّته ب ٤ ح ١.
(٦) التهذيب ٤ : ٢٧٩ ح ٨٤٥ ، الاستبصار ٢ : ١٢٠ ح ٣٩٢ ، الوسائل ٧ : ٢٥٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٩ ح ٢.
(٧) قدح فيها في المدارك ٦ : ٧٩.