وجعل في المسالك أيضاً قول ابن إدريس أيضاً من مقتضى الجمع بينهما ، بحمل ما دلّ على لزوم القضاء على ما كان الظنّ ضعيفاً ، والآخر على ما كان قويّاً (١).
أقول : ولا يخفى بعد التأمّل في الأخبار ، والإنصاف أنّ كلّها من باب واحد ، وهو ما حصل الظنّ بسبب العارض ، وأن فرض التمكّن من المراعاة وتركه في صورة حصول الظنّ من غشيان السحاب وحصول الغيم الذي أظلم حتّى حصل الظنّ بالليل نادر لا تنصرف إليه الإطلاقات.
فيكون مورد الأخبار هو عدم التقصير في المراعاة ، أو ما يشمل صورة التقصير أيضاً.
ولا استبعاد في وجوب القضاء لو انكشف الفساد حينئذٍ إذا قام الدليل ، فالشأن في إقامة الدليل ، والكلام في ترجيح الأدلّة.
فما يدلّ من الأخبار على القول الأوّل هو ما رواه الكليني والشيخ في الصحيح على الأظهر ، عن أبي بصير وسماعة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فرأوا أنّه الليل ، فأفطر بعضهم ، ثمّ إنّ السحاب قد انجلى ، فإذا الشمس ، فقال : «على الذي أفطر صيام ذلك اليوم ، إنّ الله عزوجل يقول (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (٢) فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه ؛ لأنّه أكل متعمّداً» (٣).
وأما ما يدلّ على القول الثاني فكثير ، منها صحيحتا زرارة المتقدّمتان (٤).
ومنها رواية أبي الصباح الكناني وكثيراً ما يصف هذا السند بالصحة
__________________
(١) انظر المسالك ٢ : ٢٨ ، والسرائر ٢ : ٣٧٧.
(٢) البقرة : ١٨٧.
(٣) الكافي ٤ : ١٠٠ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٧٠ ح ٨١٥ ، الوسائل ٧ : ٨٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٠ ح ١.
(٤) الاولى في التهذيب ٤ : ٣١٨ ح ٩٦٨ ، والوسائل ٧ : ٨٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥١ ح ٢ ، والثانية في الفقيه ٢ : ٧٥ ح ٣٢٧ ، والتهذيب ٤ : ٢٧١ ح ٨١٨ ، والاستبصار ٢ : ١١٥ ح ٣٧٦ ، والوسائل ٧ : ٨٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥١ ح ١.