المشهور ، فإنّ كثرة الأخبار الدالّة على كفّارة اليمين ، مع انفراد الصدوق ، وهجر أكثر الأصحاب العمل عليها مما يضعفها ، ويظهر من الانتصار أنّ ذلك مذهب الإماميّة (١) ، ولا يبعد أنّ يكون مخالفه مما ورد من باب التقيّة.
ومن الغريب أنّ الشهيد الثاني رحمهالله قوّي رواية الحلبي بتأيّدها برواية حفص بن غياث ، وقال : وهو وإن كان عاميّاً إلا أنّ الشيخ قال : إنّ كتابه معتمد ، وباتفاق روايات العامة الّتي صححوها عن النبيّ ، قال : وهي وإن لم تكن حجّة إلا أنّها لا تقصر عن أن تكون مرجحة (٢) ، انتهى.
وأنت تعلم أنّ هذا مؤيّد لما ذكرنا ، وهو من المضعفات لقول الصدوق ، وبالجملة الكلام في الخلف في الصوم الذي هو مما نحن فيه ، سيّما في إفطار اليوم المعيّن نذره ظاهر.
ولا ينبغي التأمل في أنّ الأقوى قول المشهور ، سيّما مع ملاحظة الإجماعين المذكورين في الانتصار ، وكذلك في غير الصوم ، وفي الصوم مع التخلّف عنه بغير الإفطار الأقوى قول المشهور ؛ لأنّه لا يقاوم صحيحة الحلبي ، ورواية غياث لصحيحة ابن عمرو مع اشتهار العمل بها ، ولا يضرّها إشعار لفظها بالتردّد مع ملاحظة فهم الأصحاب.
وأما دليل التفصيل الأخير ، فهو الإجماع الذي نقله المرتضى ، وهو مقتضى حسنة جميل بن صالح ، عن أبي الحسن موسى عليهالسلام ، قال : «كلّ من عجز عن نذر نذره فكفّارته كفّارة يمين» (٣) ، وحمل في المختلف صحيحة الحلبي وما في معناها على ذلك (٤) ، وكذلك غيره (٥) ، ولا بأس به.
__________________
(١) الانتصار : ٦٤.
(٢) المسالك (الطبعة الحجريّة) ٢ : ٧٨.
(٣) الإستبصار ٤ : ٥٥ ب ٣٥ ح ٧.
(٤) المختلف (طبعة مركز الإعلام الإسلامي) ٨ : ٢٣٦.
(٥) كالشيخ في التهذيب ٨ : ٣٠٦ ذ. ح ١١٣٦ ، والاستبصار ٤ : ٤٥٥ ذ. ح ١٩٤.